قصص

الرباط الصليبي يهدد النساء أكثر من الرجال.. السبب في "البيولوجيا" أم "التحيز الجنسي"؟

الحرة - واشنطن
2024-03-29

لا يزال الغموض مستمراً، حول سبب معاناة لاعبات كرة القدم من الإصابات بالرباط الصليبي، بنسبة أكبر من اللاعبين الرجال. واختلفت وجهات نظر الأطباء والمدربين حول سبب هذه النسبة، التي تجعل احتمال إصابة اللاعبة أكبر بمعدل من 5 إلى 8 مرات مقارنة بالرجل.

ورصدت صحيفة "غارديان" البريطانية في تقرير لها عدة آراء، لم تجمع على سبب أو تفسير واحد، فهناك حديث عن التحيز الجنسي في الرياضة بشكل عام لصالح الرجال، حيث يتم توفير البيئة والملاعب والمعدات الأفضل لهم مقارنة بالنساء، بينما التفسير الآخر يشير إلى أن البنية الجسدية للمرأة وطبيعتها، وراء معدلها الأكبر من إصابات الرباط الصليبي (ACL).

وتتسبب إصابة الرباط الصليبي في الركبة في غياب اللاعب أو اللاعبة لمدة لا تقل عن 6 أشهر، حيث يجري عملية جراحية ثم يبدأ مراحل تأهيلية، مما قد يجعل الموسم الكروي شبه منته لمن تعرض أو تعرضت للإصابة.

وأجرى الطبيب خوان كارلوس مونلو، عمليات جراحية مختصة بإصابات الرباط الصليبي لكل من اللاعبة الإسبانية الحاصلة على الكرة الذهبية، أليكسيا بوتياس، ولاعب برشلونة والمنتخب الإسباني الشاب غافي، بجانب عدد من اللاعبين البارزين الآخرين.

وقال مونلو لصحيفة "غارديان"، إنه يعتقد أن النساء أكثر عرضة لإصابات الرباط الصليبي الأمامي بسبب تكوينها الجسدي.

وأوضح: "هذه الإصابات شائعة في الألعاب الرياضية التي تتطلب من اللاعبين التوقف بشكل مفاجئ خلال دوران أجسادهم.. ليس للنساء حوض أوسع فحسب، بل أرجلهن أكثر استقامة، مما يجعلهن أكثر عرضة لهذا النوع من الإصابات، خصوصا حينما يهبطن على الأرض بعد القفز".

كما أشار إلى أن هناك تأثير للدورة الشهرية، موضحا أنه خلالها "يكون هناك ارتفاع وانخفاض في الهرمونات، مما يتسبب في تراخي الأربطة ويجعل الإصابة أكثر احتمالا".

لكن هناك من يرون أن الأمر لا يرتبط بالتكوين الجسدي وطبيعة المرأة، بل هناك قضايا اجتماعيا تلعب دورا أيضًا.

وفي هذا الصدد، أشارت أستاذة قسم العلاج الطبيعي بكلية علوم التأهيل بجامعة مانيتوبا بكندا، جوان بارسونز، إلى أنها ترفض مثل هذا النهج، وقالت: "نحارب منذ مئات السنين هذا الاعتقاد الطبي الذي يضع اللوم على بيولوجيا المرأة".

وتابعت الأستاذة التي شاركت في تأليف دراسة حول دور التحيز الجنسي في إصابات الرباط الصليبي: "نحن لا نستبعد البيولوجيا، لكن نقول إن البيئة المحيطة تلعب دورا. هناك تأثير واضح للتحيز الجنسي على كل المستويات".

ودعمت مدربة اللياقة البدنية بالفريق الأول للسيدات في نادي إسبورتيو أوروبا بمدينة برشلونة، لوسيا مارتينيز، هذا الرأي، وقالت: "لو نظرنا إلى الأطفال في ساحة المدرسة وقت الراحة، فكم عدد الفتيات اللاتي يلعبن كرة القدم؟".

وتابعت أن "الفتيات يمارسن الرياضة بدرجة أقل من أقرانهم الذكور، قبل أن يقررن التحول فجأة للعب كرة القدم. هذا يمثل مشكلة، الأولاد لديهم ميزة تكمن على وجه التحديد في تشجيعهم طوال الوقت على ممارسة الرياضة، عكس الفتيات".

وأكدت مارتينيز أن الأمر لا يتعلق باللياقة البدنية "بل بوعي يأتي من اللعب منذ سن مبكرة"، مضيفة: "معظم إصابات الرباط الصليبي للرجال والنساء، لا تحدث بسبب الاحتكاك، لكن بسبب حركات غير مناسبة تكون في الغالب بسبب تغيرات مفاجئة في اتجاه اللعب أو الهبوط بشكل سيء بعد القفز".

وأشار مونلو إلى عناصر أخرى بجانب "البيولوجيا"، مثل جودة الملاعب وأنواع الأحذية وزيادة الضغط على اللاعبات في ظل تنامي شعبية كرة القدم النسائية.

وأكدت الأستاذة بقسم الصحة بجامعة باث: "أود القول إن التحيز الجنسي وليس الجنس، هو العامل الأساسي للإصابة. الابتعاد عن التركيز على عظم الحوض والهرمونات، يمكن أن يساعدنا على فهم سبب تعرض النساء لمزيد من الإصابات، ويمكننا البدء في الوقاية بشكل أكثر فعالية".

الحرة - واشنطن

المزيد

مراكز غير مرخصة.. عندما يتحول الجمال الى تجارة قاتلة
عيادات ومراكز التجميل بدأت تتنافس فيما بينها لجذب الشباب الراغبين في اجراء العمليات

قضت الشابة، زهراء باسم، أشهراً حتى تعافت من مرض أصيبت به خلال خضوعها لعملية تجميلية، سعياً منها للوصول إلى جسم مثالي. تقول زهراء إن عدوى فايروسية أصابتها خلال عملية أجرتها في إحدى مراكز التجميل في بغداد، سببت لها التهابات وأثرت على صحتها النفسية. 

زهراء ليست الأولى ولن تكون الأخيرة من ضحايا مراكز التجميل غير المرخصة، والتي لا تلتزم بالضوابط الصحية، فالإقبال المتزايد من الشباب والشابات على الاهتمام بجمالهم، خاصة أولئك الذين يسعون للشهرة من خلال نشر الصور على مواقع التواصل الإجتماعي، فسح المجال لغير المختصين بفتح عيادات غير مرخصة، بعيداً عن أعين السلطات الصحية، والتي تقدم مجموعة واسعة من الخدمات التجميلية، بدءا من العناية بالبشرة والشعر، وصولاً لإجراء عمليات بعضها حساسة وخطرة. 

 

مراكز غير مرخصة.. مصدر للإصابة بالإيدز 

تلجأ مراكز التجميل غير المرخصة إلى عدة أساليب، منها تقديم عروض تخفيضية لجذب المراجعين وأغلبهم من شريحة الشباب، ليقع العديد منهم ضحايا لأخطاء طبية أنهت حياة البعض، وكانت السبب في إصابة آخرين بأمراض. 

لجنة الصحة النيابية حذرت بدورها من انتشار كبير وغير منضبط لعيادات التجميل، التي تعمل دون رقابة، ما يشكل خطراً على الصحة العامة، وقالت إنها سجلت أكثر من 2600 إصابة بمرض الإيدز، من بينها 470 حالة وفاة حتى بداية العام الحالي. 

 

هوس بمشاهير "السوشل ميديا" 

انتشار مراكز التجميل غير المرخصة سببه زيادة طلب جيل الشباب على إجراء عمليات التجميل، هوساً بتقليد مشاهير السوشل ميديا، بحسب نقيب الأطباء السابق، الدكتور جاسم العزاوي، الذي يقول لـ"سوا" إن بعض هذه المراكز تجذب انتباه المزيد من الزبائن، من خلال استخدام المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، للدعاية لهم مقابل مبالغ طائلة. 

ويصف العزاوي المشرفين على هذه المراكز بالمتاجرين بمهنة الطب التجميلي، ممن يتحايلون على قوانين وزارة الصحة، من خلال نقل مراكزهم من منطقة إلى أخرى، وتحت أسماء مختلفة هرباً من أجهزة الرقابة، فمنطقة المنصور في العاصمة بغداد مثلاً، تحتوي لوحدها على أكثر من 500 عيادة تجميل. العزاوي حمَّل السلطات الصحية والأمنية المسؤولية الكبرى في استمرار انتشار هذه المراكز، بسبب "العشوائية" في تطبيق القوانين الصحية، على حد وصفه. 

الكاتبة، أسيل الطائي، تقول من جهتها إن التطور التكنولوجي وتقنيات الطب والانفتاح على العالم الخارجي، الذي يعج بالمؤثرين والمشاهير، شجع على خوض تجربة التجميل، حتى وإن لم تكن ضرورية. 

 

"أطباء تجميل" بلا شهادة وخبرة  

استغلال بعض الوافدين الأجانب لجهل العراقيين مهنهم الحقيقية، دفع البعض منهم إلى انتحال صفة طبيب جراح، وفتح مراكز تجميل غير مرخصة، هذا سبب آخر أدى إلى تفاقم هذه الظاهرة بحسب مدير عام صحة محافظة ميسان، الدكتور علي العلاق. 

ومنذ أكتوبر 2022 ولغاية ديسمبر 2023، أغلقت وزارة الصحة 124 مركزاً تجميلياً، 94 منها كانت وهمية، و30 مجازة لكنها مخالفة لضوابط الوزارة. أحالت وزارة الصحة على القضاء خلال تلك الفترة 25 طبيباً وطبيب أسنان، ممن يعملون في المراكز والعيادات التجميلية، لمخالفتهم التعليمات والضوابط، فضلا عن إتلاف كميات كبيرة من مواد غير صالحة للاستخدام في مراكز التجميل.  

في مطلع شهر يوليو الماضي، أعلن جهاز الأمن الوطني، القبض على منتحل صفة "طبيب تجميل" في العاصمة بغداد، فيما أشار إلى أن المتهم يحمل شهادة المتوسطة فقط. وذكر بيان لجهاز الأمن، أن معلومات استخبارية أكدت وجود شخص يحمل صفة "طبيب تجميل"، ولديه عيادة يمارس فيها النصب والاحتيال على المراجعين في بغداد، ليتم إثر ذلك اعتقال المتهم بالجرم المشهود، وضبط مواد طبية مجهولة يستخدمها للحقن والتجميل. المتهم اعترف بأنه يمتلك شهادة المتوسطة فقط، ونظم دورات تعليمية حول عمليات التجميل داخل عيادته مقابل مبالغ مالية. 

 

ضغوط مجتمعية وتنافس وتنمر  

عيادات ومراكز التجميل بدأت تتنافس فيما بينها لجذب الشباب الراغبين في إجراء العمليات، من خلال طرح عروض مغرية بأسعار زهيدة أحياناً. ويذكر موقع "تجميلي" المتخصص في مجال طب التجميل، أن العراق حل ثامناً بعد الجزائر والكويت في عدد عمليات التجميل، حيث تصدرت زراعة الشعر قائمة العمليات التي يخضع لها الشباب الذكور، تليها عمليات تجميل الأنف وزراعة الأسنان وشعر اللحية. 

عدد قليل من الشباب كان سابقاً يرغب في إجراء عمليات تجميل، لكن عالم السوشيال ميديا والمنافسة والتأثر بعادات وتقاليد وثقافات جديدة، كل هذا غيَّر من معايير الجمال في الوقت الحالي، حتى أن العديد من الشباب باتوا يتعرضون إلى ضغوط اجتماعية، وصلت إلى حد التنمر لتغيير مظهرهم الخارجي.   

الشاب، محمد علي، كان ضحية لهذا التنمر الذي تعرض له من قبل زملائه، بسبب ملامح وجهه عندما كان طالبا في مرحلة السادس الإعدادي، ويقول لـ "سوا" إنه لولا نظرة المجتمع، لما كان يجري أي عملية تجميل.  

أما الصحفية، نغم مكي، فتشير إلى أن هذه النظرة التي ترفض كل من هو مختلف، قد تشعر البعض بأن المظهر الخارجي هو أساسي لتقدير الذات وقبول المجتمع، حينها تبدأ معاناة رحلة تغيير الشكل، التي قد تصل إلى حد تغيير لون البشرة. 

الأشخاص الذين يعانون من عدم الرضا عن مظهرهم الخارجي، قد يلجؤون إلى عمليات التجميل كوسيلة لتعزيز ثقتهم بأنفسهم، هكذا يفسر الباحث النفسي، كاظم موسى، أسباب تزايد الإقبال على  مراكز التجميل، حتى وإن كانت غير مرخصة، ويشير إلى أن "الناحية العلمية السيكولوجية تفسر التوجه لعمليات التجميل، بما يسمى اضطراب الهوية الشخصية الناتج عن عدم الثقة بالنفس". 

 

 تعزيز القوانين والتشريعات 

مئات من مراكز التجميل غير المرخصة المنتشرة في بغداد وبقية المحافظات باتت تهدد الباحثين عن الجمال، بالموت، ورغم مساعي نقابة الأطباء في العراق لإيقافها، إلا أن نقيب الأطباء السابق، الدكتور جاسم العزاوي، يقول إن الحد من الظاهرة مرهون بدعم حكومي وتشديد في الإجراءات.  

نقابة الأطباء حذرت بدورها من تسجيل حالات تنوعت بين الأمراض والتشوهات والمشاكل الصحية الخطيرة الأخرى، بسبب الأعمال والممارسات غير المرخصة، وذكرت أن كثرة من يعلنون قدرتهم على تنفيذ عمليات التجميل، جعلت المواطنين لا يعرفون من هم الأطباء الحقيقيون، وأن البعض يحاول جعل الإنسان العراقي سلعة تتبادلها وسائل التواصل الاجتماعي والسماسرة والمتاجرون. 

وكانت وزارة الصحة قد قررت إيقاف منح إجازات فتح للمؤسسات الصحية الخاصة، من مستشفيات أهلية وعيادات جراحية ومراكز تخصصية، ومن ضمنها مراكز التجميل ومكاتب السياحة العلاجية، لحين إصدار ضوابط جديدة.  

الوزارة قررت أيضاً منع بعض الاختصاصات، ومن بينها أطباء الأسنان، من إجراء عمليات في مراكز التجميل، وأشارت إلى أن لديها دوراً رقابياً وتفتيشياً،  ولديها كذلك صلاحيات الغلق والتنفيذ للجهات الأمنية. الوزارة وصفت ملف عيادات التجميل بـ"المعقد" وقالت إنها بدأت بوضع ضوابط وإعداد تعليمات جديدة تنظم عمل هذه المراكز في العراق.