قصص

دراسة: هذا ما تفعله بنا قراءة قصص "المشاعر اللطيفة"

راديو سوا
2023-06-15

وجدت دراسة علمية جديدة، أن التعرض لأخبار إيجابية تحتوي على عنصر من اللطف، يمكن أن تخفف آثار قراءة القصص الإخبارية المؤلمة، حسبما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست".

ويؤكد باحثون، أن التعرض لتقارير وسائل الإعلام ذات القيمة السلبية، يمكن أن يؤدي إلى تلاشي الرحمة لدى الناس، وتعزيز الصور النمطية العنصرية، والاعتقاد بأن العالم مكان خطير، حيث لا يمكن الوثوق بالناس

وقادت الدراسة التي نشرت الشهر الماضي، بمجلة "بولس ون"، وشارك فيها 1800 شخص، أستاذة علم النفس بجامعة إسيكس بولاية أيوا الأميركية، كاثرين بوكانان.

وقالت بوكانان "إن التعرض للأخبار السلبية في وسائل الإعلام، يجعلنا نعتقد أن العالم أخطر مما هو عليه بالفعل". وأضافت أن "رؤية لطف الآخرين، يساعدنا على التفكير بأن العالم ليس بهذا السوء، الذي نعتقده".

وقسّم الباحثون المشاركين في الدراسة إلى مجموعات عدة، إذ تم عرض مقاطع إخبارية سلبية، تتعلق بهجمات إرهابية أو أحداث كارثية على إحدى المجموعات، بينما تعرضت مجموعة أخرى لأخبار مزعجة فقط. كما تم عرض أخبار إيجابية عن أعمال بطولية وخيرية، أو قصص تُظهر مشاعر اللطف على مجموعة ثالثة.

وأفادت المجموعة بزيادة في المشاعر السلبية، وانخفاض في المشاعر الإيجابية، فيما أشارت تلك المجموعة أيضاً إلى شعورها بمزيد من التشاؤم تجاه الإنسانية والمجتمع. 

وفي الوقت ذاته، أفاد المشاركون، الذين عُرضت عليهم قصص عن اللطف، بأنهم يشعرون بمشاعر أقل سلبية، إلى جانب زيادة في المشاعر الإيجابية. وأبلغت تلك المجموعة عن نظرة أكثر تفاؤلاً للعالم.

واستخدم المشاركون مقياسين من 1 (لا إطلاقا أو قليل جدا) إلى 5 (للغاية)، لتقييم مستوى السلبية والإيجابية التي شعروا بها، قبل وبعد تعرضهم للمحتوى.

وقالت بوكانان إن "متابعة القصص الإخبارية التي تعرض لطف الآخرين، لها فوائد عاطفية ومعرفية للناس"، مردفة "إنه بمثابة نوع من زر إعادة الضبط، الذي يتيح لنا أن نثق بهذه الإنسانية".

وجاءت فكرة هذه الدراسة من قبل الباحثة بوكانان عام 2017، بعد أن تعرضت لخبر في الراديو، مفاده مقتل 22 شخصاً بهجوم انتحاري، على جماهير حضرت حفلاً للفنانة الأميركية، أريانا غراندي، بمدينة مانشستر الإنكليزية.

تتذكر أستاذة علم النفس، التي كانت رسالة الدكتوراه الخاصة بها، تنظر لردود أفعال الناس على رؤية تصرفات الآخرين اللطيفة، قائلة: "كان ذلك مفجعا حقا".

ففي 22 مايو 2017، فجّر البريطاني الليبي الأصل، سلمان العبيدي، البالغ 22 عاما، قنبلة وسط حشود من الشباب أثناء مغادرتهم حفلا موسيقيا، لنجمة البوب الأميركية في قاعة مانشستر أرينا للحفلات، بشمال إنكلترا. واستلهم العبيدي هجومه من تنظيم داعش، حسبما ذكرت فرانس برس.

ووسط العناوين الإخبارية السلبية عن ذلك الهجوم، لاحظت بوكانان أنه "كانت هناك بعض التغطية بشأن السلوك اللطيف الذي أعقب ذلك"، مما أعطاها شعوراً بالارتياح.

على سبيل المثال، قدم الناس المأوى والطعام لجميع الغرباء، وتدفق عدد لا يحصى من رسائل الدعم من جميع أنحاء العالم، على وسائل التواصل الاجتماعي للضحايا. كما اصطف السكان المحليون في الشوارع للتبرع بالدم، بعد الهجوم الدامي، ووزع سائقو سيارات الأجرة الطعام وقدموا مشاوير مجانية.

وقالت بوكانان: "لقد أصبحت عاطفية للغاية وممتنة؛ لأنه لا يزال هناك خير على خلفية الرعب"، موضحة أن قراءة قصص اللطف غرس فيها شعوراً بالأمل، كانت قد فقدته بعد سماعها بالهجوم.

راديو سوا

المزيد

مراكز غير مرخصة.. عندما يتحول الجمال الى تجارة قاتلة
عيادات ومراكز التجميل بدأت تتنافس فيما بينها لجذب الشباب الراغبين في اجراء العمليات

قضت الشابة، زهراء باسم، أشهراً حتى تعافت من مرض أصيبت به خلال خضوعها لعملية تجميلية، سعياً منها للوصول إلى جسم مثالي. تقول زهراء إن عدوى فايروسية أصابتها خلال عملية أجرتها في إحدى مراكز التجميل في بغداد، سببت لها التهابات وأثرت على صحتها النفسية. 

زهراء ليست الأولى ولن تكون الأخيرة من ضحايا مراكز التجميل غير المرخصة، والتي لا تلتزم بالضوابط الصحية، فالإقبال المتزايد من الشباب والشابات على الاهتمام بجمالهم، خاصة أولئك الذين يسعون للشهرة من خلال نشر الصور على مواقع التواصل الإجتماعي، فسح المجال لغير المختصين بفتح عيادات غير مرخصة، بعيداً عن أعين السلطات الصحية، والتي تقدم مجموعة واسعة من الخدمات التجميلية، بدءا من العناية بالبشرة والشعر، وصولاً لإجراء عمليات بعضها حساسة وخطرة. 

 

مراكز غير مرخصة.. مصدر للإصابة بالإيدز 

تلجأ مراكز التجميل غير المرخصة إلى عدة أساليب، منها تقديم عروض تخفيضية لجذب المراجعين وأغلبهم من شريحة الشباب، ليقع العديد منهم ضحايا لأخطاء طبية أنهت حياة البعض، وكانت السبب في إصابة آخرين بأمراض. 

لجنة الصحة النيابية حذرت بدورها من انتشار كبير وغير منضبط لعيادات التجميل، التي تعمل دون رقابة، ما يشكل خطراً على الصحة العامة، وقالت إنها سجلت أكثر من 2600 إصابة بمرض الإيدز، من بينها 470 حالة وفاة حتى بداية العام الحالي. 

 

هوس بمشاهير "السوشل ميديا" 

انتشار مراكز التجميل غير المرخصة سببه زيادة طلب جيل الشباب على إجراء عمليات التجميل، هوساً بتقليد مشاهير السوشل ميديا، بحسب نقيب الأطباء السابق، الدكتور جاسم العزاوي، الذي يقول لـ"سوا" إن بعض هذه المراكز تجذب انتباه المزيد من الزبائن، من خلال استخدام المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، للدعاية لهم مقابل مبالغ طائلة. 

ويصف العزاوي المشرفين على هذه المراكز بالمتاجرين بمهنة الطب التجميلي، ممن يتحايلون على قوانين وزارة الصحة، من خلال نقل مراكزهم من منطقة إلى أخرى، وتحت أسماء مختلفة هرباً من أجهزة الرقابة، فمنطقة المنصور في العاصمة بغداد مثلاً، تحتوي لوحدها على أكثر من 500 عيادة تجميل. العزاوي حمَّل السلطات الصحية والأمنية المسؤولية الكبرى في استمرار انتشار هذه المراكز، بسبب "العشوائية" في تطبيق القوانين الصحية، على حد وصفه. 

الكاتبة، أسيل الطائي، تقول من جهتها إن التطور التكنولوجي وتقنيات الطب والانفتاح على العالم الخارجي، الذي يعج بالمؤثرين والمشاهير، شجع على خوض تجربة التجميل، حتى وإن لم تكن ضرورية. 

 

"أطباء تجميل" بلا شهادة وخبرة  

استغلال بعض الوافدين الأجانب لجهل العراقيين مهنهم الحقيقية، دفع البعض منهم إلى انتحال صفة طبيب جراح، وفتح مراكز تجميل غير مرخصة، هذا سبب آخر أدى إلى تفاقم هذه الظاهرة بحسب مدير عام صحة محافظة ميسان، الدكتور علي العلاق. 

ومنذ أكتوبر 2022 ولغاية ديسمبر 2023، أغلقت وزارة الصحة 124 مركزاً تجميلياً، 94 منها كانت وهمية، و30 مجازة لكنها مخالفة لضوابط الوزارة. أحالت وزارة الصحة على القضاء خلال تلك الفترة 25 طبيباً وطبيب أسنان، ممن يعملون في المراكز والعيادات التجميلية، لمخالفتهم التعليمات والضوابط، فضلا عن إتلاف كميات كبيرة من مواد غير صالحة للاستخدام في مراكز التجميل.  

في مطلع شهر يوليو الماضي، أعلن جهاز الأمن الوطني، القبض على منتحل صفة "طبيب تجميل" في العاصمة بغداد، فيما أشار إلى أن المتهم يحمل شهادة المتوسطة فقط. وذكر بيان لجهاز الأمن، أن معلومات استخبارية أكدت وجود شخص يحمل صفة "طبيب تجميل"، ولديه عيادة يمارس فيها النصب والاحتيال على المراجعين في بغداد، ليتم إثر ذلك اعتقال المتهم بالجرم المشهود، وضبط مواد طبية مجهولة يستخدمها للحقن والتجميل. المتهم اعترف بأنه يمتلك شهادة المتوسطة فقط، ونظم دورات تعليمية حول عمليات التجميل داخل عيادته مقابل مبالغ مالية. 

 

ضغوط مجتمعية وتنافس وتنمر  

عيادات ومراكز التجميل بدأت تتنافس فيما بينها لجذب الشباب الراغبين في إجراء العمليات، من خلال طرح عروض مغرية بأسعار زهيدة أحياناً. ويذكر موقع "تجميلي" المتخصص في مجال طب التجميل، أن العراق حل ثامناً بعد الجزائر والكويت في عدد عمليات التجميل، حيث تصدرت زراعة الشعر قائمة العمليات التي يخضع لها الشباب الذكور، تليها عمليات تجميل الأنف وزراعة الأسنان وشعر اللحية. 

عدد قليل من الشباب كان سابقاً يرغب في إجراء عمليات تجميل، لكن عالم السوشيال ميديا والمنافسة والتأثر بعادات وتقاليد وثقافات جديدة، كل هذا غيَّر من معايير الجمال في الوقت الحالي، حتى أن العديد من الشباب باتوا يتعرضون إلى ضغوط اجتماعية، وصلت إلى حد التنمر لتغيير مظهرهم الخارجي.   

الشاب، محمد علي، كان ضحية لهذا التنمر الذي تعرض له من قبل زملائه، بسبب ملامح وجهه عندما كان طالبا في مرحلة السادس الإعدادي، ويقول لـ "سوا" إنه لولا نظرة المجتمع، لما كان يجري أي عملية تجميل.  

أما الصحفية، نغم مكي، فتشير إلى أن هذه النظرة التي ترفض كل من هو مختلف، قد تشعر البعض بأن المظهر الخارجي هو أساسي لتقدير الذات وقبول المجتمع، حينها تبدأ معاناة رحلة تغيير الشكل، التي قد تصل إلى حد تغيير لون البشرة. 

الأشخاص الذين يعانون من عدم الرضا عن مظهرهم الخارجي، قد يلجؤون إلى عمليات التجميل كوسيلة لتعزيز ثقتهم بأنفسهم، هكذا يفسر الباحث النفسي، كاظم موسى، أسباب تزايد الإقبال على  مراكز التجميل، حتى وإن كانت غير مرخصة، ويشير إلى أن "الناحية العلمية السيكولوجية تفسر التوجه لعمليات التجميل، بما يسمى اضطراب الهوية الشخصية الناتج عن عدم الثقة بالنفس". 

 

 تعزيز القوانين والتشريعات 

مئات من مراكز التجميل غير المرخصة المنتشرة في بغداد وبقية المحافظات باتت تهدد الباحثين عن الجمال، بالموت، ورغم مساعي نقابة الأطباء في العراق لإيقافها، إلا أن نقيب الأطباء السابق، الدكتور جاسم العزاوي، يقول إن الحد من الظاهرة مرهون بدعم حكومي وتشديد في الإجراءات.  

نقابة الأطباء حذرت بدورها من تسجيل حالات تنوعت بين الأمراض والتشوهات والمشاكل الصحية الخطيرة الأخرى، بسبب الأعمال والممارسات غير المرخصة، وذكرت أن كثرة من يعلنون قدرتهم على تنفيذ عمليات التجميل، جعلت المواطنين لا يعرفون من هم الأطباء الحقيقيون، وأن البعض يحاول جعل الإنسان العراقي سلعة تتبادلها وسائل التواصل الاجتماعي والسماسرة والمتاجرون. 

وكانت وزارة الصحة قد قررت إيقاف منح إجازات فتح للمؤسسات الصحية الخاصة، من مستشفيات أهلية وعيادات جراحية ومراكز تخصصية، ومن ضمنها مراكز التجميل ومكاتب السياحة العلاجية، لحين إصدار ضوابط جديدة.  

الوزارة قررت أيضاً منع بعض الاختصاصات، ومن بينها أطباء الأسنان، من إجراء عمليات في مراكز التجميل، وأشارت إلى أن لديها دوراً رقابياً وتفتيشياً،  ولديها كذلك صلاحيات الغلق والتنفيذ للجهات الأمنية. الوزارة وصفت ملف عيادات التجميل بـ"المعقد" وقالت إنها بدأت بوضع ضوابط وإعداد تعليمات جديدة تنظم عمل هذه المراكز في العراق.