بعد مرور ما يزيد على ثمانية أعوام على بدء الحرب في سوريا، تثار تساؤلات بشأن الرابحين والخاسرين في الصراع الذي قتل مئات آلاف المدنيين ودمر نحو 90 في المئة من البنى التحتية في البلاد.
وأدت الحرب في سوريا إلى مقتل ما يقدر بنحو نصف مليون شخص وفرار نحو 5.6 مليون إلى خارج البلاد ونزوح نحو 6.6 مليون داخل حدود الدولة.
وعلى الرغم من توقف المعارك الكبرى في الوقت الحالي في أجزاء كثيرة من سوريا، إلا أن ثمة قدرا كبيرا من انعدام الأمن مع وقوع تفجيرات وهجمات أخرى استهدفت مدنيين في مناطق تسيطر عليها أطراف النزاع المختلفة.
وربما يكون نظام الرئيس السوري بشار الأسد هو الرابح الأكبر بعد سنوات من الصراع برأي حلفائه ومناصريه، لكن المعطيات على الأرض مختلفة وأرقام الإحصاءات الدولية تشير إلى عكس ذلك.
فسوريا 2011 ليست نفسها سوريا 2019، سواء من النواحي الأمنية أو السياسية ولا حتى الاقتصادية أو الاجتماعية.
وصار النفوذ في سوريا مقسما بين عدة أطراف، هي الولايات المتحدة وحلفاؤها من جهة وروسيا وإيران من جهة ثانية بالإضافة إلى مناطق نفوذ لموالين لتركيا.
أما ربع سوريا الواقع شرقي نهر الفرات فتسيطر عليه جماعات كردية مدعومة من الولايات المتحدة.
فيما تدعم تركيا بعض جماعات المعارضة المسلحة في شمال غربي البلاد وكذلك تسيطر على منطقة متاخمة على حدودها.
وهناك أيضا مناطق قريبة من الحدود مع لبنان تسيطر عليها ميليشيات تابعة لحزب الله اللبناني، فيما تخضع مناطق أخرى لنفوذ جماعات شيعية موالية لإيران.
ويرى المحلل السياسي حسين عبد الحسين أن "المصطلح الأقرب للواقع الذي يمكن إطلاقه على بشار الأسد هو أنه نجا من الإطاحة به من السلطة ولم يفز بالحرب".
ويضيف عبد الحسين لموقع "الحرة" أن "الأسد بات حاليا يسيطر على جزء صغير من سوريا يتمثل في المناطق الساحلية ومعظم المناطق التابعة للعاصمة دمشق".
"وحتى المناطق الخاضعة لسيطرته، لا يحكمها بالفعل" وفقا لعبد الحسين الذي يرى أن "الروس والإيرانيين يتحكمون بالعديد من مراكز القوى الأمنية والعسكرية في الجيش السوري".
وعلى الصعيد الاقتصادي تشير تقديرات البنك الدولي في عام 2016 إلى أن كلفة إعمار سوريا تصل لنحو 450 مليار دولار، شريطة أن ينتهي الصراع بحلول عام 2017، و780 مليار دولار إذا استمر الصراع حتى عام 2021.
وكذلك قد تستغرق عملية إعادة بناء البلاد أكثر من 50 عاما، في حال توفرت عدة شروط من بينها انعدام الفساد، وهو شرط بعيد المنال في بلد مزقته الحرب ويعاني من غياب الشفافية.
ويرى المحلل السياسي خالد صفوري أن "الأسد هو الخاسر الأكبر من الحرب بعد أن فقد السيطرة على معظم المناطق الغنية بالنفط والموارد المائية والغاز مثل دير الزور والحسكة شمال شرقي البلاد، بالإضافة إلى المناطق الغنية بالموارد الزراعية شمالي سوريا".
ويقول صفوري في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة" من واشنطن، "حتى في حال اعتماد نظرية انتصار الأسد في الحرب، إلا أن البلاد خرجت مدمرة كليا من الناحية الاقتصادية وبالتالي فإن إعادة اعمارها من قبل الأسد أو حلفائه أمر بعيد المنال".
ويضيف صفوري أن "طهران وموسكو باتتا تحكمان السيطرة على دمشق بشكل تام، وستستخدمانها كورقة ضغط للحصول على مكاسب في ملفاتهما العالقة مع الولايات المتحدة والغرب في المستقبل".