يعتبر مضيق هرمز الواقع في المنطقة التي أسقطت فيها إيران طائرة أميركية مسيرة، ممرا استراتيجيا لتجارة النفط العالمية وهو في صلب التوتر الاقليمي منذ عقود.
وقال الرئيس دونالد ترامب الجمعة إنه "ليس مستعجلا" للرد عسكريا على إيران، مؤكدا أنه ألغى في اللحظات الأخيرة ضربات ضد إيران تجنبا لوقوع العديد من الضحايا.
وقررت العديد من شركات الطيران العالمية منع تحليق طائراتها فوق مضيق هرمز بسبب تصعيد التوتر في المنطقة.
بوابة الخليج
يقع مضيق هرمز بين إيران وسلطنة عمان. ولا يتجاوز عرضه 50 كلم وعمقه 60 مترا.
تحوطه جزر مأهولة بالكاد لكنها ذات أهمية استراتيجية بالغة: جزر هرمز وقشم ولاراك الإيرانية قبالة الضفة الإيرانية للمضيق حيث مدينة بندر عباس.
شريان حيوي للنفط
يعتبر المضيق الممر البحري شبه الوحيد الذي يربط بين الدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط (السعودية والكويت وقطر والإمارات والعراق وإيران) وأسواق آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية.
وفي 2018، عبره يوميا نحو 21 مليون برميل من الخام بحسب الوكالة الأميركية للطاقة. ويشكل ذلك 21 في المئة من الاستهلاك العالمي للنفط وثلث الخام المنقول بحرا على صعيد العالم. ويعبره أيضا ربع كميات الغاز الطبيعي المسال.
نحو 76 في المئة من صادرات النفط التي عبرت هذا المضيق الاستراتيجي العام الماضي كانت وجهتها دول آسيا، وفي مقدمها الصين والهند واليابان وكوريا الشمالية، وفق الوكالة الأميركية.
وإذا كانت السعودية والإمارات قد أقامتا شبكة أنابيب لتفادي عبور المضيق، فإن تلك الطرق البديلة لا تستوعب سوى كميات محدودة (ثلاثة ملايين برميل يوميا في 2018 علما بأن قدرتها القصوى تناهز 6.8 ملايين) وليست في منأى من هجمات المتمردين الحوثيين في اليمن كما تجلى في أيار/مايو الماضي.
ومن شأن الهجمات الأخيرة التي استهدفت ناقلات نفط في خليج عمان إضافة إلى إسقاط الطائرة الأميركية المسيرة، أن تزيد المخاوف من اضطرابات كبيرة في حركة الملاحة ومن تداعيات على السوق النفطية، وخصوصا أن سعر برميل النفط في نيويورك ارتفع بنسبة ستة في المئة الخميس.
ومن الصعوبة بمكان بالنسبة إلى الدول المستهلكة إيجاد بديل، سواء كما أو نوعا، من الخام المستخرج من منطقة الخليج.
وفي هذا السياق، فإن النفط الخفيف الذي تنتجه الولايات المتحدة لا يشكل بديلا للنفط الثقيل في الشرق الأوسط.
ورغم أن الولايات المتحدة هي أول منتج عالمي ومصدر للنفط الخام، فقد استوردت العام 2018 نحو 1.4 مليون برميل يوميا من الخام عبرت مضيق هرمز، ما يمثل سبعة في المئة من استهلاكها الإجمالي.
مسرح توتر ونزاعات
تندد إيران التي تعتبر نفسها شرطيا للخليج، بوجود قوات أجنبية في المنطقة، وخصوصا تمركز الأسطول الخامس الأميركي في البحرين. وقد هددت مرارا بإغلاق مضيق هرمز إذا قامت الولايات المتحدة بأي عمل عسكري في المنطقة.
ويسيطر الحرس الثوري الإيراني على العمليات البحرية في الخليج.
وفي عام 1984، وفي خضم الحرب بين الإيرانية-العراقية (1980-1988)، تعرضت أكثر من 500 ناقلة نفط للتدمير أو أصيبت بأضرار، ما شكل ضربة كبيرة لحركة الملاحة في المضيق.
وفي تموز/يوليو 1988، تم إسقاط طائرة إيرباص تابعة للخطوط الجوية الإيرانية كانت تقوم برحلة بين بندر عباس ودبي بواسطة صاروخين أطلقتهما فرقاطة أميركية كانت تنفذ مهمة استطلاعية في المضيق، ما أسفر عن مقتل 290 شخصا. وأكد طاقم الفرقاطة يومها أنه اعتقد أن الطائرة المدنية كانت مقاتلة إيرانية.
وفي نيسان/أبريل 2015، اعترضت زوارق عسكرية للحرس الثوري الإيراني سفينة تجارية من جزر مارشال. وفي الشهر التالي، أطلقت زوارق استطلاع إيرانية نيرانا تحذيرية في محاولة لاعتراض سفينة تجارية ترفع علم سنغافورة.
وعلى خلفية الانسحاب الأميركي في أيار/مايو 2018 من الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني وفرض واشنطن مجددا عقوبات على إيران، تصاعد التوتر أخيرا وتجلى في عمليات تخريب وهجمات على ناقلات نفط في منطقة الخليج في أيار/مايو وحزيران/يونيو. وحملت واشنطن طهران مسؤولية هذه الهجمات، لكن الجمهورية الإسلامية نفضت ضلوعها في ذلك.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية