لم تمر سوى يومين على مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة أحدهم ضابط إماراتي، حتى أعلنت البحرين إدراج ائتلافات معارضة، تُتهم بموالاة طهران، في قائمة الجماعات الإرهابية.
وأكد مجلس الوزراء البحريني، في بيان عقب اجتماع استثنائي للنظر في الحادث، أنه قرر إدراج "ائتلاف 14 فبراير" و"سرايا الأشتر" و"سرايا المقاومة" في قائمة "الجماعات الإرهابية" واتخاذ الإجراءات القانونية لتطويقها والقبض على أفرادها.
وبينما لم تتهم السلطة مباشرة كتلة الوفاق (أكبر تكتل شيعي في البحرين) بالتورط في الحادث، إلا أن أطرافا سياسية سنية حمّلت التيار الشيعي المعارض مسؤولية الهجوم. وفي الوقت ذاته، أدانت قيادات بارزة في تيار الوفاق الحادث، مطالبة بـ"لجنة تحقيق دولية مستقلة قبل إرسال أية اتهامات".
اتهامات متبادلة
وحمّل النائب عادل المعاودة، رئيس لجنة الشؤون التشريعية والقانونية وحقوق الإنسان بمجلس النواب، تيار الوفاق مسؤولية الهجوم، وقال لموقع "راديو سوا" "لا يساورني الشك في أن الأيادي الخبيثة للوفاق متعاونة ومتآزرة مع طهران وهي المسؤولة عما وقع".
وأضاف أن المعارضة "الموالية لولاية الفقيه في إيران تدعم العنف في السر وتعارضه في العلن"، مشددا على أن "الأصوات المنسوبة للمعارضة تخدع المنظمات الدولية الغربية لتحصل على التعاطف، لكنها على الأرض تمارس القتل".
من جهة أخرى، تبرأ القيادي البارز في كتلة الوفاق عبده علي محمد في اتصال مع موقع "راديو سوا" من أي علاقة للمعارضة الشيعية مع ما حدث، مدينا "استهداف الأرواح والممتلكات".
وقال إن "العنف مدان من كل الجهات، سواء عنف السلطة، الذي تمارسه على المعارضة أو عنف من تتهمه السلطة"، مضيفا أن "الوفاق واضح: لقد حرمنا على أنفسنا العنف وجعلنا طريق الوصول إلى مطالبنا سلمية منذ أول يوم".
شارك برأيك
بيد أن عادل المعاودة وصف إدانة الوفاق لاستهداف الشرطة بـ"الكذب والتضليل"، وقال: "هؤلاء أقزام إيران وحزب الله في البحرين لا تستحيون من الكذب والتضليل على الناس".
وليست هذه هي المرة الأولى التي تٌتهم فيها المعارضة الشيعية بالضلوع في أعمال عنف. فقد أصبحت التفجيرات والاعتداءات على الشرطة وأحيانا على العمالة الأجنبية ظاهرة شبه يومية، يقول موالون للسلطات إنها "من تدبير أذناب إيران في البحرين لخدمة الحزام الهوياتي لإيران".
أما أطراف في المعارضة فتصف هذه الأعمال بـ"المفبركة من طرف أجهزة الدولة لتبرير خنق الحريات العامة واعتقال المعارضين"، الذين يطالبون بالديمقراطية واحترام صناديق الاقتراع.
مملكة تتنازعها الأمم
ومباشرة بعد وقوع الحادث، الذي ذهب ضحيته ثلاثة من أفراد الشرطة بينهم إماراتي، اتهم وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبد الله ال خليفة، في كلمة وجهها عبر التلفزيون الرسمي، إيران بالضلوع فيه، محملا إياها مسؤولية عدم الاستقرار في مملكة البحرين.
وقال "إن ما يحدث في الداخل له ارتباطات خارجية حسب الإفادات والأدلة المادية المتوفرة لدينا وقد سبق أن أعلنا عن ذلك وأشرنا إلى أن التدريبات في الخارج حسب الاعترافات المدونة تمت في معسكرات الحرس الثوري الإيراني وما صاحب ذلك من بيانات رسمية ومساندة تحريضية".
أما المعارضة فرأت في مسارعة السلطة إلى اتهام طهران "تهافت" غرضه استهداف المعارضة وربطها بإيران، حتى تتوقف المنظمات الحقوقية والدول الغربية عن ضغطها على نظام آل خليفة.
وقال المعارض عبده علي محمد إن إيران "تحولت إلى شماعة يعلق عليها النظام همومه ومشاكله"، مضيفا "لا نحتاج إلى تدريب على السلاح ولا نحتاج إلى العنف.. منذ اليوم الأول أكدنا أن مطالبنا المشروعة لن تتحقق إلا بالعمل السلمي".
وأضاف "نندد بكل أشكال العنف بما فيه عنف السلطة، التي تحاصر وتخنق قرى بكاملها، لأنها تطالب بالديمقراطية في البحرين".
وفي الوقت، الذي تندد فيه البحرين بـ"تدخلات طهران في شأنها الداخلي"، تتهم المعارضة السلطة بـ"فتح أبواب البلد على مصراعيه أمام الجيوش الخليجية لقمع المظاهرات السلمية".
وقد مرت ثلاثة أعوام حتى الآن على دخول قوات "درع الجزيرة" إلى مملكة البحرين. ففي 14 مارس/آذار من سنة 2011 عبرت مدرعات عسكرية سعودية تحمل ألف جندي سعودي مُسانـَدة بـ 500 رجل شرطة إماراتي، جسر الملك فهد الرابط بين المملكتين بدعوة من الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
ويعتبر المساندون لمجيء قوات "درع الجزيرة" أن الأمر كان إيجابيا لأنه ساهم في الحفاظ على استقرار البلد وحمايته من "المؤامرات الخارجية"، في حين يرى المعارضون لتلك القوات أنها ساهمت فقط في الإبقاء على نظام آل خليفة الحاكم، ويعتبرونها "قوات احتلال" يجب أن تغادر في أقرب وقت ممكن.
مستقبل المعارضة؟
وإذا كان قطاع عريض من المعارضة البحرينية يرفض العنف، فهناك جماعات غامضة تتبنى بين الفينة والأخرى الهجمات على الشرطة.
وفي الحادث الأخير، أعلنت جماعة "سرايا الأشتر" مسؤوليتها عن الهجوم في رسالة نشرتها على مواقع للتواصل الاجتماعي على الإنترنت لم يتسن التحقق من صحتها.
و"سرايا" المقاومة غير معروفة أيضا، لكن "حركة 14 فبراير" تنظم احتجاجات مناهضة للحكومة منذ أن سحقت قوات الأمن بمساعدة من السعودية والإمارات مظاهرات حاشدة في
شباط/فبراير وآذار/مارس 2011. وقتل شرطي بحريني الشهر الماضي جراء انفجار خلال احتجاج في الذكرى الثالثة لاحتجاجات البحرين.
ومن المرجح حسب مراقبين أن تلقي أعمال العنف التي تستهدف الشرطة بظلال من الشك على محاولات إحياء الحوار الوطني بين الحكومة والمعارضة، وتؤثر على صورة كتلة الوفاق.
وقالت منظمة "مواطنون من أجل البحرين" التي ينظر إليها على نطاق واسع على أنها موالية للحكومة، إن إدانة الوفاق لقتل رجال الشرطة غير كافية.
وأضافت في تصريحات لوكالة رويترز للأنباء "إنه لأمر جيد أن تخرج المعارضة البحرينية وتندد بقتل أفراد الشرطة الثلاثة ولكن عليها أن تدرك أنها هي التي وضعت بذور الإرهابيين الذين ارتكبوا هذه الأعمال."
وفي وقت سابق، هاجمت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام سميرة رجب، في مقابلة مع موقع "راديو سوا"، المعارضين، قائلة إن "التيار الشيعي يستهدف المنطقة بالفوضى والحروب الطائفية والفتن وتمزيق النسيج الوطني"، واصفة إياه بـ"التيار الموالي لولاية الفقيه".
تجدر الإشارة إلى أنه في تشرين الثاني/نوفمبر2011 نسف تقرير حقوقي (معترف به رسميا) قدمته "لجنة تقصي الحقائق المستقلة في أحداث البحرين" اتهامات السلطة للشيعة المعارضين بالعمالة للخارج. وبرأ التقرير أيضا إيران من التدخل في شؤون المنامة بتوظيف المعارضة.
وفي المقابل، أكد استخدام السلطة لـ"التعذيب والعنف المفرط".
هل قرأت هذا الخبر؟ تقارير واستطلاعات لن تجدها في أي مكان آخر
اشترك في صفحة "راديو سوا" على فيسبوك
اشترك في قائمة "راديو سوا" البريدية