معارض بحريني يتفادى الغاز المسيل للدموع خلال احتجاجات بقرية الدية 3 آذار/مارس 2013
معارض بحريني يتفادى الغاز المسيل للدموع خلال احتجاجات بقرية الدية 3 آذار/مارس 2013



لم تمر سوى يومين على مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة أحدهم ضابط إماراتي، حتى أعلنت البحرين إدراج ائتلافات معارضة، تُتهم بموالاة طهران، في قائمة الجماعات الإرهابية.

وأكد مجلس الوزراء البحريني، في بيان عقب اجتماع استثنائي للنظر في الحادث، أنه قرر إدراج "ائتلاف 14 فبراير" و"سرايا الأشتر" و"سرايا المقاومة" في قائمة "الجماعات الإرهابية" واتخاذ الإجراءات القانونية لتطويقها والقبض على أفرادها.

وبينما لم تتهم السلطة مباشرة كتلة الوفاق (أكبر تكتل شيعي في البحرين) بالتورط في الحادث، إلا أن أطرافا سياسية سنية حمّلت التيار الشيعي المعارض مسؤولية الهجوم. وفي الوقت ذاته، أدانت قيادات بارزة في تيار الوفاق الحادث، مطالبة بـ"لجنة تحقيق دولية مستقلة قبل إرسال أية اتهامات".

اتهامات متبادلة

وحمّل النائب عادل المعاودة، رئيس لجنة الشؤون التشريعية والقانونية وحقوق الإنسان بمجلس النواب، تيار الوفاق مسؤولية الهجوم، وقال لموقع "راديو سوا" "لا يساورني الشك في أن الأيادي الخبيثة للوفاق متعاونة ومتآزرة مع طهران وهي المسؤولة عما وقع".

وأضاف أن المعارضة "الموالية لولاية الفقيه في إيران تدعم العنف في السر وتعارضه في العلن"، مشددا على أن "الأصوات المنسوبة للمعارضة تخدع المنظمات الدولية الغربية لتحصل على التعاطف، لكنها على الأرض تمارس القتل".

من جهة أخرى، تبرأ القيادي البارز في كتلة الوفاق عبده علي محمد في اتصال مع موقع "راديو سوا" من أي علاقة للمعارضة الشيعية مع ما حدث، مدينا "استهداف الأرواح والممتلكات".

وقال إن "العنف مدان من كل الجهات، سواء عنف السلطة، الذي تمارسه على المعارضة أو عنف من تتهمه السلطة"، مضيفا أن "الوفاق واضح: لقد حرمنا على أنفسنا العنف وجعلنا طريق الوصول إلى مطالبنا سلمية منذ أول يوم".
​​

شارك برأيك 

​​
بيد أن عادل المعاودة وصف إدانة الوفاق لاستهداف الشرطة بـ"الكذب والتضليل"، وقال: "هؤلاء أقزام إيران وحزب الله في البحرين لا تستحيون من الكذب والتضليل على الناس".

وليست هذه هي المرة الأولى التي تٌتهم فيها المعارضة الشيعية بالضلوع في أعمال عنف. فقد أصبحت التفجيرات والاعتداءات على الشرطة وأحيانا على العمالة الأجنبية ظاهرة شبه يومية، يقول موالون للسلطات إنها "من تدبير أذناب إيران في البحرين لخدمة الحزام الهوياتي لإيران".

أما أطراف في المعارضة فتصف هذه الأعمال بـ"المفبركة من طرف أجهزة الدولة لتبرير خنق الحريات العامة واعتقال المعارضين"، الذين يطالبون بالديمقراطية واحترام صناديق الاقتراع.

مملكة تتنازعها الأمم

ومباشرة بعد وقوع الحادث، الذي ذهب ضحيته ثلاثة من أفراد الشرطة بينهم إماراتي، اتهم وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبد الله ال خليفة، في كلمة وجهها عبر التلفزيون الرسمي، إيران بالضلوع فيه، محملا إياها مسؤولية عدم الاستقرار في مملكة البحرين.

وقال "إن ما يحدث في الداخل له ارتباطات خارجية حسب الإفادات والأدلة المادية المتوفرة لدينا وقد سبق أن أعلنا عن ذلك وأشرنا إلى أن التدريبات في الخارج حسب الاعترافات المدونة تمت في معسكرات الحرس الثوري الإيراني وما صاحب ذلك من بيانات رسمية ومساندة تحريضية".

أما المعارضة فرأت في مسارعة السلطة إلى اتهام طهران "تهافت" غرضه استهداف المعارضة وربطها بإيران، حتى تتوقف المنظمات الحقوقية والدول الغربية عن ضغطها على نظام آل خليفة.

أفراد شرطة يساعدون أحد زملائهم ضحية انفجار قنبلة خلال المواجهات مع معارضين شيعة في قرية الدية

​​وقال المعارض عبده علي محمد إن إيران "تحولت إلى شماعة يعلق عليها النظام همومه ومشاكله"، مضيفا "لا نحتاج إلى تدريب على السلاح ولا نحتاج إلى العنف.. منذ اليوم الأول أكدنا أن مطالبنا المشروعة لن تتحقق إلا بالعمل السلمي".

وأضاف "نندد بكل أشكال العنف بما فيه عنف السلطة، التي تحاصر وتخنق قرى بكاملها، لأنها تطالب بالديمقراطية في البحرين".

وفي الوقت، الذي تندد فيه البحرين بـ"تدخلات طهران في شأنها الداخلي"، تتهم المعارضة السلطة بـ"فتح أبواب البلد على مصراعيه أمام الجيوش الخليجية لقمع المظاهرات السلمية".

وقد مرت ثلاثة أعوام حتى الآن على دخول قوات "درع الجزيرة" إلى مملكة البحرين. ففي 14 مارس/آذار من سنة 2011 عبرت مدرعات عسكرية سعودية تحمل ألف جندي سعودي مُسانـَدة بـ 500 رجل شرطة إماراتي، جسر الملك فهد الرابط بين المملكتين بدعوة من الملك حمد بن عيسى آل خليفة.

ويعتبر المساندون لمجيء قوات "درع الجزيرة" أن الأمر كان إيجابيا لأنه ساهم في الحفاظ على استقرار البلد وحمايته من "المؤامرات الخارجية"، في حين يرى المعارضون لتلك القوات أنها ساهمت فقط في الإبقاء على نظام آل خليفة الحاكم، ويعتبرونها "قوات احتلال" يجب أن تغادر في أقرب وقت ممكن.

مستقبل المعارضة؟

وإذا كان قطاع عريض من المعارضة البحرينية يرفض العنف، فهناك جماعات غامضة تتبنى بين الفينة والأخرى الهجمات على الشرطة.

وفي الحادث الأخير، أعلنت جماعة "سرايا الأشتر" مسؤوليتها عن الهجوم في رسالة نشرتها على مواقع للتواصل الاجتماعي على الإنترنت لم يتسن التحقق من صحتها.

و"سرايا" المقاومة غير معروفة أيضا، لكن "حركة 14 فبراير" تنظم احتجاجات مناهضة للحكومة منذ أن سحقت قوات الأمن بمساعدة من السعودية والإمارات مظاهرات حاشدة في
شباط/فبراير وآذار/مارس 2011. وقتل شرطي بحريني الشهر الماضي جراء انفجار خلال احتجاج في الذكرى الثالثة لاحتجاجات البحرين.

ومن المرجح حسب مراقبين أن تلقي أعمال العنف التي تستهدف الشرطة بظلال من الشك على محاولات إحياء الحوار الوطني بين الحكومة والمعارضة، وتؤثر على صورة كتلة الوفاق.

محتجون شيعة خلال المواجهات مع الشرطة في قرية الديه بالبحرين

​​وقالت منظمة "مواطنون من أجل البحرين" التي ينظر إليها على نطاق واسع على أنها موالية للحكومة، إن إدانة الوفاق لقتل رجال الشرطة غير كافية.

وأضافت في تصريحات لوكالة رويترز للأنباء "إنه لأمر جيد أن تخرج المعارضة البحرينية وتندد بقتل أفراد الشرطة الثلاثة ولكن عليها أن تدرك أنها هي التي وضعت بذور الإرهابيين الذين ارتكبوا هذه الأعمال."

وفي وقت سابق، هاجمت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام سميرة رجب، في مقابلة مع موقع "راديو سوا"، المعارضين، قائلة إن "التيار الشيعي يستهدف المنطقة بالفوضى والحروب الطائفية والفتن وتمزيق النسيج الوطني"، واصفة إياه بـ"التيار الموالي لولاية الفقيه".

تجدر الإشارة إلى أنه في تشرين الثاني/نوفمبر2011 نسف تقرير حقوقي (معترف به رسميا) قدمته "لجنة تقصي الحقائق المستقلة في أحداث البحرين" اتهامات السلطة للشيعة المعارضين بالعمالة للخارج. وبرأ التقرير أيضا إيران من التدخل في شؤون المنامة بتوظيف المعارضة.
وفي المقابل، أكد استخدام السلطة لـ"التعذيب والعنف المفرط".


هل قرأت هذا الخبر؟ تقارير واستطلاعات لن تجدها في أي مكان آخر
اشترك في صفحة "راديو سوا" على فيسبوك 
اشترك في قائمة "راديو سوا" البريدية

المزيد

قيادات بارزة من المعارضة البحرينية تقود تظاهرة مناهضة للحكومة في العاصمة المنامة
قيادات بارزة من المعارضة البحرينية تقود تظاهرة مناهضة للحكومة في العاصمة المنامة



"البحرين هي محافظة إيران الـ14". هذا ما قاله لاريجاني وحسن شريعتمداري وناطق نوري ومسؤولون إيرانيون آخرون في مناسبات مختلفة.

وفي كل مرة تتسبب هذه العبارة، التي أضحت مألوفة لفرط استعمالها، في تأزيم للعلاقات الخليجية الإيرانية، ثم تتبرأ طهران من التصريحات وتصفو الأجواء مرة أخرى.

لكن هل يغير هذا من نية طهران؟ السياسيون يقولون "النية لا تهم في السياسية. الذي يهم هو الفعل".

يقول المعارض البحريني عبده علي محمد "ليس من المعقول أن ندفع في كل مناسبة ثمن تصريحات طائشة"، ويضيف لموقع "راديو سوا" منذ وصول أولى نسائم الربيع العربي إلى هذه المملكة الصغيرة "بدأ النظام بتوظيف هذه التصريحات وتضخيمها لقمع الحريات والحقوق".

من جانب آخر، يؤكد موالون للسلطة أن الأحداث الجارية في البحرين فضحت "الطوابير الإيرانية في الخليج العربي"، وكشفت الانتماء الحقيقي للمعارضة "التي تتلقى أيضا تدريبا عسكريا من طهران لقلب النظام الحاكم".

الحزام الطائفي

خلال الأسبوع الماضي، اتهمت السلطات البحرينية الحرس الثوري الإيراني بتدريب ناشطين بحرينيين على تنفيذ تفجيرات داخل المملكة ذات الأغلبية الشيعية.

وبالرغم من النفي المتكرر للمعارضة، إلا أن رئيس النيابة العامة البحرينية أسامة العوفي أكد للصحافة أن خمسة متهمين "اعترفوا بعزمهم على ارتكاب عمليات إرهابية تحت مسوغ ديني وشرعي"، مشيرا إلى "قيام مواطن بحريني مقيم بإيران بالتخطيط لارتكاب عمليات إرهابية من خلال إحداث تفجيرات تستهدف المنشآت الحيوية والأماكن السيادية والأمنية".

شارك برأيك:
​​

​​
هل قرأت هذا الخبر؟ تقارير واستطلاعات لن تجدها في أي مكان آخر
اشترك في صفحة "راديو سوا" على فيسبوك 
اشترك في قائمة "راديو سوا" البريدية 

​​وليست هذه هي المرة الأولى التي تتهم فيها السلطة المعارضة الشيعية بالضلوع في أعمال عنف. فقد أصبحت التفجيرات والاعتداءات على الشرطة وأحيانا على العمالة الأجنبية ظاهرة شبه يومية، يقول موالون للسلطات إنها "من تدبير أذناب إيران في البحرين لخدمة الحزام الهوياتي والديني لإيران".

وفي وقت سابق، هاجمت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام سميرة رجب، في مقابلة مع موقع "راديو سوا"، المعارضين، قائلة إن "التيار الشيعي يستهدف المنطقة بالفوضى والحروب الطائفية والفتن وتمزيق النسيج الوطني"، واصفة إياه بـ"التيار الموالي لولاية الفقيه".

من جهة أخرى، تصف المعارضة اتهامات السلطة بـ"المفبركة"، والهادفة إلى "تشويه سمعة قطاعات عريضة من المجتمع تطالب بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان".

لكن المتخصص في شؤون البحرين غسان الشهابي يقول لموقع "راديو سوا" إن اتهامات السلطة للمعارضة الشيعية "لا تستند إلى دلائل ملموسة"، مضيفا "دائما السلطة تتهم والمعارضة تنفي. أمامك رأيان متناقضان تماما.. كل ما يصدر عنهما في ظل غياب الأدلة مجرد آراء".

"إرهاب السلطة"

في الـ 29 من كانون الأول/ديسمبر الماضي قامت النيابة العامة البحرينية باستدعاء أمين عام كتلة الوفاق علي سلمان من أجل التحقيق معه في تهم تتعلق "بالتحريض على كراهية النظام والإساءة للسلطة".

ورغم إطلاق سراحه وسط تهديدات المعارضة بالتصعيد، فقد أخلي سبيله بضمان محل إقامته وبمنعه من السفر.

أمين عام كتلة الوفاق علي سلمان خلال استدعائه للتحقيق معه

​​وتعتبر المعارضة الشيعية استدعاء أمين عام أكبر حزب سياسي في البحرين (حصل على 64 في المئة من مجموع أصوات الناخبين لانتخابات العام 2006 والعام 2010)  "خطوة جديدة على الاستمرار في الحل الأمني وممارسة الابتزاز والانتقام السياسي".

وفي اتصال مع موقع  "راديو سوا"، قال القيادي البارز في كتلة الوفاق عبده علي محمد إن تصرفات السلطة هي "محاولة يائسة لتقويض الحراك الشعبي السلمي الذي تقوده المعارضة".

وأضاف "لم تعد تهمة التخابر مع طهران ولا تلقي التدريب من الحرس الثوري الإيراني تكفي لقمع المعارضة. هذه المرة قرروا استدعاء الأمين العام وهي محاولة لكسر معنوياته".

"لادخان بدون نار"

وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أكدت الحكومة البحرينية مجددا أن بعض المتهمين الـ50 الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن -تراوحت بين خمس سنوات و15 سنة- مدانون بالتجسس لصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وإنهم خططوا لأعمال شغب بدعم من الإيرانيين.

وأشارت إلى أن عددا من الـ50 -المتهمين بتأسيس "جماعة إرهابية" لتقويض النظام والقانون، ومنع المؤسسات والسلطات العامة من أداء عملها- أدينوا بالتجسس لدول أجنبية وعملائها، أو بالسعي للقيام بذلك بقصد تنفيذ أعمال عدوانية ضد المملكة.

وفي وقت سابق من الشهر نفسه، اعتقلت السلطات البحرينية النائب السابق والقيادي في جمعية الوفاق خليل مرزوق، وأمرت بحبسه بتهمة التحريض على العنف.

وتنفي وزارة الخارجية الإيرانية هذه التهم عبر الوكالة الرسمية للأنباء، غير أن طهران في آخر رد فعل لها دعت النظام الحاكم إلى "تغيير توجهاته البوليسية وتمهيد الأرضية لإجراء حوار جاد في البلاد".

السلطات تتهم المعارضة البحرين بتلقي تدريبات من الحرس الثوري الإيراني

​​وقد أصيب الحوار الوطني بالشلل منذ أن بدأت السلطة في اعتقال معارضين تتهمهم بالضلوع في أعمال عنف لخدمة أجندة إيران وحزب الله في البحرين.

​​وللإشارة ففي تشرين الثاني/نوفمبر2011 نسف تقرير حقوقي (معترف به رسميا) قدمته "لجنة تقصي الحقائق المستقلة في أحداث البحرين" اتهامات السلطة للشيعة المعارضين بالعمالة للخارج. وبرأ التقرير أيضا إيران من التدخل في شؤون المنامة بتوظيف المعارضة. وفي المقابل، أكد استخدام السلطة لـ"لتعذيب والعنف المفرط".

ويحمـّل البرلماني السني الشيخ جاسم السعيدي الشيعة المعارضين مسؤولية توتير الوضع، ويصفهم بـ"الفئة الضالة التي تنتمي إلى حزب الله وتحركها إيران لتؤجج الفتنة في البحرين".

أما القيادي الشيعي المعارض عبد علي محمد فيؤكد أن إيران تحولت إلى شماعة يعلق عليها النظام همومه ومشاكله، مضيفا "لا نحتاج إلى تدريب على السلاح ولا نحتاج إلى العنف.. نحن من دعاة اللاعنف وهو السبيل الوحيد للوصول إلى مطالب ستتحقق يوما".

وعند سؤاله عن سبب اتهام إيران وليس أطرافا خارجية أخرى قال إن "تعاطف إيران مع المعارضة لا يعني أبدا أنها تمدها بالسلاح أو تدربها للقيام بأعمال عنف"، مضيفا "البحرين وطننا ونحن سلميون إلى النهاية ولسنا تابعين إلا لهذا الوطن".