شن رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي الأحد هجوما لاذعا على السعودية وقطر على خلفية دعمهما لتسليح المعارضة السورية، متهمة إياهما بالعمل على التدخل بـ"شؤون كل الدول" العربية.
في هذا الوقت، استقبلت الدوحة التي اتهمت بغداد قبل أيام بتهميش السنة، نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، الشخصية السنية البارزة والمطلوب للقضاء بتهم إرهاب، في تطور بارز ومفاجئ يؤشر على توتر محتمل بين قطر والعراق.
وقال المالكي في مؤتمر صحافي في بغداد إن "لغة استخدام القوة لإسقاط النظام (السوري) سوف لن تسقطه، قلناها سابقا وقالوا شهرين فقلنا سنتين، ومرت سنة الآن والنظام لم يسقط ولن يسقط ولماذا يسقط".
وأضاف: "نرفض أي تسليح وعملية إسقاط النظام بالقوة، لأنها ستخلف أزمة تراكمية في المنطقة".
وكانت الأزمة السورية هيمنت على أعمال القمة العربية التي استضافتها بغداد الخميس، وسط تباين بين الدول العربية حول كيفية التعامل مع أحداث سورية حيث تدور احتجاجات منذ أكثر من عام يواجهها النظام بالقمع وقتل فيها الآلاف.
وتتخذ السعودية وقطر اللتان أرسلتا مندوبيهما لدى الجامعة العربية لتمثيلهما في قمة بغداد، موقفا متشددا حيال النظام السوري وتؤيدان تسليح المعارضة، بينما تدعو دول عربية أخرى بينها العراق إلى حوار وحل سلمي.
وقال المالكي الأحد: "عجيب أمر هاتين الدولتين أن تدعوا إلى التسليح بدل أن تعملا على إطفاء النار"، في إشارة محتملة إلى السعودية وقطر.
وتابع: "ستسمعان صوتنا بأننا ضد التسليح وضد التدخل الخارجي"، مضيفا أن "الدول التي تتدخل بشؤون دول أخرى ستتدخل بشؤون كل الدول".
وكان المالكي الذي تتشارك بلاده بحدود بطول نحو 600 كيلومتر مع سورية حذر أمام الزعماء العرب الذين شاركوا في قمة بغداد من أن تسليح طرفي الأزمة السورية سيؤدي إلى "حروب إقليمية ودولية بالإنابة في سورية".
وقد دعا القادة العرب في ختام القمة إلى حوار بين السلطات السورية والمعارضة، مطالبين دمشق بالتطبيق الفوري لخطة مبعوث الجامعة العربية والأمم المتحدة كوفي أنان المكونة من ست نقاط والهادفة إلى وقف العنف.
وجاءت تصريحات المالكي الأحد بعد قول رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في مقابلة تلفزيونية عشية القمة إن "ما حدث من تمثيل ضعيف من دول الخليج في قمة بغداد كان رسالة إلى حكومة العراق".
وأضاف الشيخ حمد أن "اختيار الحكومة شأن عراقي، لكن ما حصل هو تجاوز لبعض الفئات منهم السنة وبطريقة لا تؤدي إلى مصلحة العراق"، في إشارة إلى شكوى السنة في العراق من تهميشهم داخل حكومة يسيطر عليها الشيعة.
وقال مصدر في الحكومة العراقية في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: "نحن جميعنا مواطنون بدرجة واحدة ولا نشعر بالفرق بيننا، وإذا كان هناك تهميش فمن الغريب أن تصدر هذه الأصوات من دول معروفة بتهميشها للطوائف الأخرى، وخصوصا الشيعة".
وأوضح المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه أن "السعودية يوجد فيها عدد كبير من الشيعة يقارب عدد السنة في العراق، لكن لا أحد منهم يمكن أن يمني نفسه في أن يشغل منصبا أمنيا أو سياسيا فضلا عن منصب سيادي، في حين يشغل السنة لدينا مناصب عليا".
خدام ينتقد تصريح المالكي
من جانبه، قلل السيد عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري السابق، في لقاء مع "راديو سوا"، من أهمية مؤتمر أصدقاء الشعب السوري المنعقد في تركيا.
وقال إن أي مؤتمر لا يقرر تشكيل تحالف عسكري دولي لإسقاط نظام الأسد لن يجدي نفعا. وأشار السيد خدام إلى أن الشعب السوري لا يواجه النظام فقط وإنما يواجه حلفا يضم إيران والعراق وروسيا.
وأعرب عن دهشته إزاء التصريحات التي أدلى بها المالكي بشأن تسليح المعارضة السورية، وأضاف لـ"راديو سوا": "يجب أن يدرك الجميع أن الشعب السوري لا يواجه فقط النظام وإنما يواجه تحالفا دوليا مؤلفا من إيران وروسيا والعراق الهدف منه السيطرة على المنطقة".
وقال خدام: "أستغرب لموقف المالكي عندما يعترض على التدخل العسكري الأجنبي في سورية ألم يحكم هو وحزبه العراق بعد سقوط صدام حسين تحت المظلة الأميركية وبقرار أميركي".
الهاشمي يزور قطر
في هذا الوقت، بدأ نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي الأحد "زيارة رسمية" إلى الدوحة "بناء على دعوة تلقاها في وقت سابق" بحسب بيان صادر عن مكتبه.
وأشار البيان إلى أنه "من المتوقع أن تستغرق الزيارة بضعة أيام، يقوم بعدها بزيارة دول أخرى يعلن عنها في حينه، ويعود بعدها إلى مقر إقامته في كردستان العراق".
وأعلنت وكالة الأنباء القطرية الرسمية أن الهاشمي وصل إلى الدوحة "في زيارة رسمية للبلاد تستغرق عدة أيام".
وهذه المرة الأولى التي يعلن فيها عن مغادرة الهاشمي للإقليم الكردي منذ صدور مذكرة التوقيف بحقه في 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، علما أن الحكومة تطالب سلطات الإقليم بتسليمه للقضاء في بغداد.
ويلاحق الهاشمي، الشخصية السنية البارزة وأحد قياديي القائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، بتهمة دعم عمليات إرهابية نفذها عناصر حمايته.
وقال المالكي الأحد إن المطالبة بتسليم الهاشمي "يجب أن تكون عبر الإنتربول"، مضيفا أن "المتهم مطلوب لبلد عضو في الجامعة العربية ولا ينبغي أن يستقبل سيما أنه يستقبل بعنوان نائب لرئيس الجمهورية".
وأضاف: "هذا مخالف لطبيعة العلاقات الدولية".