بدأ مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في اسطنبول إجتماعا مغلقا لبحث سبل الضغط على النظام السوري من أجل وقف المجازر التي يرتكبها ضد معارضيه في الداخل.
وقد أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في خطابها أمام المؤتمر أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد يضيف وعودا إلى "لائحة الوعود التي يخل بها".
وقالت كلينتون، بحسب ما جاء في مقتطفات لخطابها أمام مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في اسطنبول وزعتها وزارة الخارجية الاميركية، إن الأسد وعد بتنفيذ خطة الموفد الدولي الخاص كوفي أنان إلا أنه عمل على شن هجمات جديدة على مدن سورية ومنع تسليم المساعدات، معتبرة أنه يضيف وعودا إلى "لائحة الوعود التي يخل بها".
تركيا لن تدعم بقاء النظام السوري
ومن جانبه أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الأحد أن انقرة لن تدعم أي خطة تسمح ببقاء النظام السوري، داعيا المجتمع الدولي الى "الانتقال الى العمل" لوضع حد للعنف في سورية.
وقال اردوغان في كلمة ألقاها في افتتاح المؤتمر "ليس من الممكن بالنسبة لنا ان ندعم اي خطة تساعد على بقاء نظام يقمع شعبه في السلطة".
وقال المسؤول التركي إن السوريين "الذين عانوا من تسلط الأسد الأب يعانون اليوم من تسلط الإبن"، مضيفا أن أعمال العنف في سورية أوقعت حتى الآن "بحسب أرقام الأمم المتحدة أكثر من تسعة آلاف قتيل، وأعتقد أن العدد أكبر بكثير من ذلك، بالاضافة إلى 20 ألف لاجىء في تركيا فقط".
ودعا المتحدث الأمم المتحدة إلى "الانتقال إلى العمل وإيجاد آليات عملانية" لحل الأزمة السورية.
وقبل بدء الإجتماع، قال أردوغان إن النظام السوري لايلتزم بالمواثيق والعهود الدولية ولم يلتزم بخطة أنان ، وتابع على لسان مترجم : "هذا النظام لم يعد بأي وعد ولم يلتزم بأي وعد نحن نطالب بالوقوف في وجه هذا النظام. نطالب فورا بتحقيق الأمن للشعب السوري".
العربي يطالب بقرار دولي ملزم
ودعا الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي الأحد "مؤتمر اصدقاء الشعب السوري" إلى تبني "قرار ملزم تحت الفصل السابع" من ميثاق الأمم المتحدة لوقف جميع أعمال العنف فورا بشكل متزامن من الجميع في سورية.
وأضاف العربي أن "عنصر الوقت له الآن أولوية كبرى".
ويسمح الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة للمنظمة الدولية باستخدام القوة من أجل وضع القرارات الدولية موضع التنفيذ.
المجلس الوطني يطالب الاعتراف به
وفي سياق متصل طالب المجلس الوطني السوري بالإعتراف به ممثلا شرعيا للشعب السوري.
وقال برهان غليون رئيس المجلس إن المحصلة السياسية للمساعي العربية والدولية لم تكن على مستوى التصعيد الإجرامي الذي مارسه النظام السوري.
وأضاف أن "الموقف العربي والدولي الذي يتردد في تقديم الدعم للشعب السوري يجب أن يتغير وبسرعة إزاء ما تشاهدونه من مشاهد مأساوية في سورية من أقصاها إلى أقصاها".
وأوضح المتحدث أن "النظام الدكتاتوري بقدر ما يشكل خطرا على مستقبل سورية وشعبها يشكل أيضا خطرا على مستقبل العرب والمنطقة والعالم معا".
وأشار غليون إلى خطط المجلس الوطني لمرحلة مابعد الأسد بالقول "تلتزم الحكومة المؤقتة التي ستشكل فور سقوط النظام غير الشرعي باجراء انتخابات حرة ونزيهة تنبثق عنها جمعية تأسيسية تتولى صياغة مشروع دستور جديد، يطرح على الشعب للاستفتاء العام. سورية الجديدة جمهورية ديمقراطية تقوم على الحياة الدستورية وسيادة حكم القانون".
وقال غليون "سوف يتكفل المجلس بتخصيص رواتب ثابتة لجميع الضباط والجنود والمقاومين الفاعلين في الجيش السوري الحر".
ويذكر ان الجلسة الافتتاحية لمؤتمر اصدقاء الشعب السوري قد بدأ في مركز المؤتمرات في اسطنبول بحضور ممثلين عن 74 دولة بينهم أكثر من 40 وزير خارجية، والمجلس الوطني السوري المعارض.
فرض عقوبات
هذا وقد أعلن وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه الأحد في اسطنبول أن الدول الصديقة لسورية ستنشىء مجموعة عمل لفرض عقوبات يتم تبنيها ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وقال جوبيه للصحافيين على هامش مؤتمر اسطنبول إن من المقرر أن تجتمع مجموعة للعمل على فرض العقوبات في باريس خلال 15 يوما.
وأضاف جوبيه أن مؤتمر أصدقاء سورية سيعترف بالمجلس الوطني كـ"محاور رئيسي".
المجلس الكردي ينفي وحدة المعارضة
وفي الوقت الذي شدد برهان غليون على وحدة المعارضة السورية ، نفى عبد الباقي لطيف عضو المجلس الوطني الكردي المعارض تلك الوحدة.
وأضاف لطيف في حديث لـ"راديو سوا" قائلا "حاولنا نحن في المجلس الوطني السوري أن نساهم في وحدة المعارضة السورية حتى تكون خطوة في هذا المؤتمر ولكن مع الأسف المحادثات التي جرت في 26 و 27 من شهر مارس / آذار في اسطنبول لم تحقق الهدف المنشود على ما يبدو".
وأوضح المتحدث أن "المضيف التركي لم يتح الظروف المطلوبة لتوحيد المعارضة السورية بل على العكس وكان هناك تراجع عن القرارات السابقة".
المالكي: النظام السوري لن يسقط
وفي بغداد، أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الأحد ان النظام السوري "لن يسقط"، محذرا من أن محاولة إسقاطه بالقوة ستؤدي الى "أزمة تراكمية في المنطقة".
وقال المالكي في مؤتمر صحافي في بغداد إن "لغة استخدام القوة لإسقاط النظام السوري سوف لن تسقطه. قلناها سابقا وقالوا شهرين فقلنا سنتين، ومرت سنة الآن والنظام لم يسقط ولن يسقط ولماذا يسقط".
وأضاف المالكي أن "المشكلة أن النظام يتشدد ويقاوم، والمعارضة تتشدد وتقاوم، والسلاح موجود ووظيفتنا نحن العرب هي إخماد نار الأزمة لأن تطورها سينعكس علينا وعلى لبنان والأردن وفلسطين والمنطقة وحتى الدول التي تتعامل مع هذه المسألة بلغة القوة".
وتابع رئيس الحكومة العراقية "نرفض أي تسليح وعملية إسقاط النظام بالقوة، لأنها ستخلف أزمة تراكمية في المنطقة"، معتبرا أن "الخطر في سورية ليس طبيعيا وليس كأي بلد آخر حصلت فيه ثورات بل يحتاج إلى حلول من أنواع أخرى".
ووجه المالكي انتقادات الى الدول التي تدعو إلى تسليح المعارضة السورية، وقال "عجيب أمر هاتين الدولتين أن تدعوا الى التسليح بدل أن تعملا على إطفاء النار"، في اشارة محتملة الى السعودية وقطر.
وتابع "ستسمعان صوتنا بأننا ضد التسليح وضد التدخل الخارجي"، مضيفا أن "الدول التي تتدخل بشؤون دول أخرى ستتدخل بشؤون كل الدول".
وذكر أن الأزمة السورية "من الموضوعات الحيوية التي تؤثر على استراتيجية العمل العربي المشترك"، مشيرا إلى أنه "كان واضحا أن البيان الختامي للقمة العربية يعارض عملية تسليح طرفي الصراع لأنه كصب الزيت على النار، ويعارض تدخلات بعض الدول في الشأن السوري".
وقد دعا القادة العرب في ختام القمة إلى حوار بين السلطات السورية والمعارضة، مطالبين دمشق بالتطبيق الفوري لخطة كوفي انان المكونة من ست نقاط والهادفة إلى وقف العنف.
مظاهرة مؤيدة للنظام السوري
وقد ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن الشرطة التركية تدخلت الأحد لتفريق حوالى 50 متظاهرا من انصار النظام السوري كانوا ينددون بعقد مؤتمر "أصدقاء سورية" في اسطنبول.
وقامت الشرطة بإبعاد المتظاهرين الذين كانوا يهتفون شعارات مؤيدة للرئيس السوري بشار الأسد، عن مركز المؤتمرات حيث افتتح المؤتمر الثاني لأصدقاء سورية.
واستخدمت شرطة مكافحة الشغب المنتشرة بأعداد كثيفة الغازات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين الذين تحدوا الدعوات الى التفرق.
الصحف السورية تنتقد المؤتمر
رأت الصحف السورية الأحد أن المؤتمر المنعقد اليوم في اسطنبول الذي أطلقت عليه اسم مؤتمر "اعداء سورية" يرمي إلى ضرب مبادرة المبعوث الخاص كوفي انان وتحدثت عن دور للسعودية وقطر في "تأجيج" الأزمة في البلاد.
من جهتها، أشارت وكالة الأنباء الرسمية - سانا الى بدء "أعمال ما يسمى مؤتمر أصدقاء سورية فى اسطنبول بمشاركة وزراء خارجية دول الاستعمار القديم بقيادة وزيرة الخارجية الاميركية هيلارى كلينتون وادواتهم في المنطقة".
ورأت الوكالة أن مؤتمر اسطنبول "يعقد في نسخته الثانية العدائية للشعب السوري بعد المؤتمر الأول الذي عقد في تونس في فبراير/شباط".
واعتبرت صحيفة البعث الناطقة باسم الحزب الحاكم أن انعقاد المؤتمر "تكالب إقليمي ودولي للبحث في وسائل قتل المزيد من السوريين وتخريب مجتمعهم ودولتهم من خلال إدامة الإرهاب وإعادة الحياة إليه كلما اتضحت نجاحات الدولة في ضبط الأمن ولاحت ملامح حل سياسي يقوده اليوم كوفي انان".
وأضافت أن "الأتراك وبعض العرب كانوا من أشد الممتعضين من نجاح المبعوث الأممي في وضع ما يشبه خارطة طريق للحل سارعت دمشق لملاقاتها أملا بطي صفحة مؤلمة من تاريخها".
واعتبرت أن "الدعوة المعلنة من وزير الخارجية السعودية سعود الفيصل لتسليح الإرهابيين والتشجيع على المزيد من سفك الدماء تجعل المؤتمر منصة لأعداء الشعب السوري بامتياز".