قدم نواب بارزون في مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قرار يدعو إلى تسليح المعارضة السورية، وذلك في وقت استمرت فيه أعمال العنف في سورية يوم الخميس رغم تأكيد الحكومة السورية قبولها بالخطة التي تقدم بها الموفد الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان.
وقال السناتور الجمهوري جون ماكين في تصريحات لقناة "الحرة" إن "عددا من دول المنطقة بات مقتنعا يوما بعد يوم بأن هذا القتال غير متوازن، وأن هؤلاء الناس الذين يحاولون نيل حريتهم لا يقاس سلاحهم بسلاح الذين يواجهونهم بطريقة خطيرة" مؤكدا أن ما يحدث في سوريا "ليس قتالا متوازنا، بل مجزرة".
وانتقد ماكين قرار الحكومة الأميركية عدم تسليح المعارضة بسبب مخاوف من مصير هذه الأسلحة، قائلا" لقد رأيت هذا المشهد في السابق، لقد قالوا الشيء نفسه عن ليبيا، وتونس، والبوسنة وكوسوفو، قالوا لا نعلم من هم وأنهم غير منظمين".
وتابع قائلا إنه "مع مساعدتنا يصبح بمقدورهم أن يصبحوا أكثر تنظيما، ويصبحون أقوى. وما يحتاجونه الآن هو أن نعبر لهؤلاء الذين يريدون الحرية في هذا الجزء من العالم العربي بأننا نقف إلى جانبهم".
يذكر أن مشروع القرار تقدم به الجمهوريون جون ماكين وليندسي غراهام وجون هوفت والمستقل جو ليبرمان، ويرمي إلى إدانة العنف الذي يرتكبه نظام الرئيس السوري بشار الأسد وتزويد المعارضة السورية بالسلاح، ودعم حق السوريين في العيش بسلام والدفاع عن أنفسهم، كما يطلب من إدارة الرئيس باراك أوباما اتخاذ إجراءات وقائية لمنع وقوع الأسلحة في أيدي سيئة مثل أيدي عناصر القاعدة.
وعن تطورات الوضع في سورية، قال المحلل السياسي المتخصص بالشؤون السورية جوشوا لانديس لشبكة CBS الإخبارية الأميركية إن المعارضة المسلحة لا تحبذ وقف النار بل تريد تنحي بشار الأسد عن الرئاسة.
وأضاف لانديس الذي يشغل منصب مدير دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما أن "الطرفين متلاحمين الآن في صراع موت أو حياة، وهما يعتقدان أن المستقبل يقف إلى جانب كل منهما."
وقال إنه "من الصعب الاعتقاد أن وقف إطلاق النار سيحصل في القريب العاجل، الوضع الآن عالق بين الثوار الذين يعتقدون أنهم سينتصرون وقوات النظام التي تعتقد أنها قد أجبرتهم على الفرار على الأقل مؤقتا."
وأضاف لانديس أن "سورية لا ثروات فيها ولا موارد فعلية كبيرة، بل تضم 24 مليون شخص يعانون من الفقر، وكل طرف يريد الحجر عليهم كي لا يتحولوا إلى لاجئين".
يذكر أن أعمال العنف في سورية، أوقعت بحسب آخر احصاء للامم المتحدة بين تسعة وعشرة آلاف قتيل منذ اندلاعها في شهر مارس/آذار من العام الماضي.
إدانة دولية
من جانبها، أدانت فرنسا الخميس استمرار القمع في سوريا "والمراوغات" من قبل النظام السوري، فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة دمشق أمام القادة العرب في بغداد الخميس إلى القبول بالمبادرة الدولية، وطالب المعارضة بالتعاون مع المبعوث الدولي كوفي أنان.
وقال برنار فاليرو المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية "غداة موافقة نظام دمشق المزعومة على خطة كوفي أنان، نلاحظ أن القمع أسفر مجددا عن سقوط العشرات من الضحايا أمس (الأربعاء) وأن النظام ما زال يستخدم الأسلحة الثقيلة ضد المدنيين".
وأضاف في بيان له أن "المجتمع الدولي لن يرضى بالمراوغات" وذلك في حين تنعقد القمة العربية في بغداد واجتماع "أصدقاء سورية" يومي السبت والأحد في اسطنبول بمشاركة مسؤولين عرب وأتراك وغربيين.
من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون السلطات السورية إلى القبول بالمبادرة الدولية، والمعارضة إلى التعاون مع المبعوث الدولي كوفي أنان.
وقال خلال الجلسة الافتتاحية للقمة العربية في بغداد إن "النزاع في سورية قد يشكل خطرا على المنطقة والحكومة فشلت في حماية شعبها وقد وضعت الشعب تحت ضغط القوة".
خطاب محتمل للأسد
في هذه الأثناء، قال موقع الكتروني سوري إن الرئيس بشار الأسد سيوجه في نهاية الأسبوع الأول من شهر أبريل/نيسان القادم خطابا شاملا للشعب السوري يعلن خلاله القضاء على "الموامرة" التي استهدفت سورية، على حد قول الموقع.
ونقل موقع "داماس بوست" الموالي للنظام عن مصادر مطلعة قولها "إن الرئيس الأسد سيؤكد في كلمته إلى الشعب السوري القضاء على المؤامرة وفشلها، كما سيوضح عدة تفاصيل عن المؤامرة، وأسرارا لم تنشر من قبل".
وأشارت المصادر إلى أن الرئيس السوري سيؤكد مجددا العفو عمن قالت إنهم "قد غرر بهم وشاركوا في المؤامرة"، شريطة ألا يكونوا قد اقترفوا جرائم بحق أبناء الشعب السوري من عسكريين ومدنيين، على حد قول المصادر.
يأتي هذا بينما أفادت صحيفة الوطن السورية أن أكثر من 1200 مرشح قدموا أوراق ترشحهم للانتخابات التشريعية المقررة في السابع من مايو/أيار المقبل، على الرغم من الدعوات لتأجيلها.
اللاجئون السوريون
في سياق متصل، رفضت تركيا إطلاق صفة "لاجئ" على السوريين الذين فروا إلى الحدود التركية هربا من أعمال القتل. وأوضح صوفي اتان المسؤول في وزارة الخارجية التركية أن هؤلاء النازحين "هم سوريون يخضعون لحماية مؤقتة لكنهم ليسوا لاجئين".
وأضاف أن هؤلاء "ليس لديهم الحق في طلب اللجوء ونحن ننتظر منهم أن يعودوا طوعا إلى بلادهم بمجرد استتباب الأمن فيها".
جهود دولية
وفي هذه الأثناء، اجتمع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بزعماء عرب في العاصمة العراقية بغداد في قمتهم.
كما تصل وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون اليوم الخميس إلى الرياض للقيام بجهود دبلوماسية جديدة تهدف إلى وقف إراقة الدماء في سورية.
وستجري كلينتون السبت مشاورات مع وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي ترتكز على اقتراح خطة السلام، قبل أن تنتقل إلى تركيا يوم الأحد من اجل المشاركة في اجتماع "أصدقاء سورية" وحث المعارضة المنقسمة على توحيد صفوفها.
وكانت كلينتون قد دعت المعارضة السورية إلى التوحد كما أكدت أن اجتماع اسطنبول سيحدد مدى التزام نظام الأسد بخطة المبعوث العربي والدولي كوفي أنان التي وافق عليها.
وتنص خطة أنان على وقف كل أعمال العنف المسلح وتنفيذ هدنة إنسانية يومية لساعتين وتسهيل وصول الإعلاميين إلى كل المناطق المتضررة من جراء القتال في سورية، وإطلاق عملية سياسية والإفراج عن المعتقلين تعسفيا.
الوضع الميداني
على الصعيد الميداني، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن خمسة أشخاص على الأقل قد قتلوا صباح الخميس من بينهم ثلاثة مدنيين، في أعمال عنف بمختلف أنحاء سورية، وذلك على الرغم من موافقة دمشق على خطة السلام الدولية التي ترمي إلى وقف أعمال العنف.
كما أعلن المرصد عن مقتل جنديْين وسط مدينة حماة عند تعرض سيارتهما لهجوم من طرف مسلحين.
وقال المرصد إن اشتباكات قد وقعت بالقرب من بلدة الزبداني كما حدث انفجار في حرستا بمحافظة دمشق.
ومن ناحيتها أعلنت الهيئة العامة للثورة السورية عن قيام القوات الحكومية بقصف المستشفى الميداني الوحيد في الريف الشرقي لبلدة معرة النعمان بمحافظة أدلب شمال البلاد مما أدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين.
وقالت إن ثمانية جنود نظاميين قد أصيبوا في اشتباكات عنيفة مع مسلحين من المعارضة في قرية دعيل جنوب محافظة درعا.