قال مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد بن حلي إن الجهود الدولية لحقن الدماء في سورية ترتكز على مرجعية الجامعة العربية، فيما أعلن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أن قمة بغداد لن تطالب الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي وتتمسك بالحوار بين الحكومة والمعارضة.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي مشترك عقده زيباري وبن حلي عقب مؤتمر وزراء الخارجية العرب التحضيري للدورة الـ23 من القمة العربية المقرر عقدها غدا الخميس في العاصمة العراقية.
وتطغى الأحداث في سورية على جدول أعمال القمة العربية التي تستضيفها بغداد للمرة الأولى منذ 22 عاما، وسط تباين في وجهات النظر بين الدول العربية حيال كيفية التعامل مع الأزمة السياسية والأمنية هناك.
وقال بن حلي إن المبعوث الدولي للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان يتواصل مع الأمين العام للجامعة لتنسيق المواقف، وأضاف أن "الاستحقاقات والوثائق التي ستقرؤونها غدا إن شاء الله بعد انتهاء القمة ترتقي إلى مستوى هذا الحدث الهام".
من جهته، قال وزير الخارجية العراقية إن البيان الختامي للاجتماع التحضيري الذي عقده وزراء الخارجية العرب خرج بتسع توصيات رئيسية، مضيفا "لأول مرة في تاريخ القمة العربية، يختصر جدول الأعمال بتسعة بنود فقط. تابعنا وشاهدنا وشاركنا في العديد من المؤتمرات كانت بنود جدول الأعمال تصل إلى 40 أو45 بندا. لكن هذه القمة نوعية بكل معانيها، لذلك التركيز سوف يكون على هذه البنود الأساسية".
وأوضح زيباري أن وثيقة بغداد أخذت بآراء الأطراف العربية وتحدثت عن مبادئ رئيسة في الشأن العربي، وأردف قائلا "أخذنا بملاحظات جميع الوفود الشقيقة ورؤساء الوفود والوزراء".
واشار إلى أن "هذا الإعلان إعلان تاريخي لأنه يواكب تطورات الأوضاع الجارية في عالمنا، ويتحدث عن رياح التغيير والإصلاح وكرامة المواطن في العالم العربي".
رمزية انعقاد القمة ببغداد
من جهته، قال أحمد بن حلي مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية إن ما قدمه زيباري ينقل ما توافق عليه ممثلو الدول العربية في اجتماعاتهم التحضيرية، مشددا على أن عقد القمة في بغداد ينطوي على رمزية كبيرة.
وأضاف "أعتقد أن ما شرحه معالي الوزير يرصد ويترجم بكل أمانة مداولات الوزراء وقبلهم كبار المسؤولين ووزراء الاقتصاد الذين اجتمعوا أمس هنا في بغداد للتحضير لهذه القمة الهامة.
ومضى قائلا "إن انعقاد هذه القمة في بغداد له رمزية كبيرة لأن بغداد التاريخ، بغداد الثقافة، بغداد الفكر ليس فقط العربي أو الإسلامي بل الإنساني، تستحق منا أن نكون معها في هذه الظروف التي أصبحت تستعيد عافيتها وألقها ودورها السياسي العربي والإقليمي".
بدوره، أعرب وزير الخارجية الكويتية خالد الصباح عن أمله في أن يتجاوب النظام السوري مع الدعوات الدولية المطالبة بوقف العنف، بما يتفق مع مقترحات المبعوث الدولي إلى سوريا كوفي عنان.
وشدد الصباح في تصريح صحافي في بغداد حيث انطلقت أعمال اجتماعات وزراء الخارجية العرب التحضيرية على تطبيق خطة العمل العربية بشأن سورية.
وأعرب الصباح عن "نأمل أن يتجاوب الإخوة في سورية مع كل القرارات العربية والأممية التي يمثلها المبعوث المشترك كوفي أنان، وأن يستجيب النظام في سورية إلى صوت العقل وأن يوقف نزيف الدم، وأن تكون هناك مراقبة على الأرض وأن يكون هناك تطبيق لخطة العمل العربية التي تجنب سورية الانزلاق إلى حرب أهلية".
قرارات القمة
ويتوقع أن يؤكد إعلان بغداد الذي سيصدر عن القمة الخميس "التمسك بالحل السياسي والحوار الوطني ورفض التدخل الأجنبي في الأزمة السورية حفاظا على وحدتها وسلامة شعبها، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.
ويشدد الإعلان على دعم مهمة مبعوث الجامعة العربية والأمم المتحدة كوفي أنان. ويشير نص مشروع القرار الخاص بسورية الذي ناقشه وزراء الخارجية الأربعاء إلى أن القمة العربية ستحمل السلطات السورية مسؤولية العنف وستدعو في الوقت ذاته إلى حوار بين الحكومة والمعارضة.
في موازاة ذلك، أعلنت الحكومة العراقية أنها ستقترح في اجتماعات القمة العربية نقل صلاحيات التفاوض مع الداخل والخارج حول إجراء انتخابات وإطلاق الحريات في سورية إلى شخصية يتوافق عليها النظام والمعارضة.
وترفض المعارضة السورية أي حوار مع سلطات دمشق، وتشترط تنحى الرئيس الأسد للبدء بحوار.
موقف دمشق من الجامعة العربية
في المقابل، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي للوكالة أن السلطات السورية "لن تتعامل" مع أي مبادرة تصدر عن جامعة الدول العربية لحل الأزمة، بسبب تعليق عضويتها في الجامعة.
والى جانب الملف السوري، تطالب مشاريع قرارات أخرى الولايات المتحدة "بعدم استخدام حق النقض في مجلس الأمن ضد القرار العربي لمطالبة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للاعتراف وقبول انضمام دولة فلسطين للأسرة الدولية"، وفقا للوكالة التي حصلت على نسخة من إعلان القمة.
وسترفع إلى القمة أيضا مشاريع قرارات حول الجولان السوري المحتل وحول "التضامن مع لبنان" وتطورات الوضع في الصومال واليمن و"الإرهاب الدولي وسبل مكافحته" و"مشروع النظام الأساسي للبرلمان العربي".
ويؤكد "إعلان بغداد" على "تسوية الخلافات العربية بالحوار الهادف البناء وبالوسائل السلمية والعمل على تعزيز العلاقات العربية العربية".
كما يدين "الإرهاب بكافة صوره وأشكاله وأيا كان مصدره ومهما كانت دوافعه ومبرراته وضرورة العمل على اقتلاع جذوره وتجفيف منابعه"، بحسب ما ذكرت الوكالة.
حضور عربي مشرّف
يشار إلى أن11 زعيم دولة عربية بينهم الرئيس العراقي جلال طالباني، الذي سيكون أول رئيس كردي يقود القمة العربية، سيحضرون الاجتماع الخميس. ووصل إلى بغداد حتى الآن رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل، والرئيس السوداني عمر البشير الذي يواجه مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والرئيس التونسي منصف المرزوقي، والرئيس الصومالي شيخ شريف احمد، ورئيس اتحاد جزر القمر إكليل ظنين.
ومن المتوقع أن يصل إلى بغداد خلال الساعات المقبلة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح والرئيس اللبناني ميشال سليمان وزعماء آخرين.
من جهة أخرى، أعلن مندوب مصر الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير عفيفي عبد الوهاب في بغداد الأربعاء أن قطر ستستضيف القمة العربية العام 2013 بدل سلطنة عمان.
الجيش السوري يكثف عملياته
ميدانيا، كثف الجيش السوري الأربعاء عملياته في أنحاء مختلفة من البلاد، ما أثار الشك بشأن موافقة دمشق، بحسب الأمم المتحدة، على خطة الخروج من الأزمة التي وضعها موفد الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان.
وتنص خطة أنان على وقف كل أعمال العنف المسلح وهدنة إنسانية يومية لساعتين وتسهيل وصول الإعلاميين إلى كل المناطق المتضررة من جراء القتال في سورية، كما تدعو إلى إطلاق عملية سياسية والإفراج عن المعتقلين تعسفيا.
وفي ذات السياق، أفادت لجان التنسيق المحلية في سورية بارتفاع عدد قتلى اليوم الأربعاء إلى 27 شخصا 13 منهم في حمص والعدد الآخر موزع في حماه وادلب ودير الزور ودرعا وحلب.
بدورها، دعت موسكو اليوم المعارضة السورية إلى أن تحذو حذو دمشق، وتوافق بوضوح على خطة التسوية السلمية التي اقترحها المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان، والتي أعرب نظام الرئيس السوري بشار الأسد عن تأييدها.
ويقول عضو المجلس الوطني السوري نجاتي طيارة إن المعارضة اتفقت على رؤية واحدة وموحدة قبل انعقاد مؤتمر أصدقاء سوريا في اسطنبول الأحد.
واشنطن تتهم الأسد
على صعيد منفصل، اتهمت الولايات المتحدة الأربعاء الرئيس السوري بشار الأسد بعدم الوفاء بوعوده لجهة تطبيق خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان لحل الأزمة السورية.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند للصحافيين إن الأسد لم يتخذ الخطوات اللازمة لتطبيق خطة السلام التي قدمها عنان، بعد أن وافقت على ذلك.
وفي الشأن ذاته، حثت الصين الحكومة السورية والمعارضة الأربعاء على احترام التزاماتهما في إطار خطة الخروج من الأزمة التي أعدها مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية.
وأعرب المتحدث باسم الخارجية الصينية هونغ لي عن ترحيب بلاده بموافقة الحكومة السورية على خطة المبعوث المشترك كوفي أنان الواقعة في ست نقاط، مضيفا أن الصين تعتقد أنها ستؤدي إلى نتائج بالنسبة للتسوية السياسية للأزمة.
يأتي هذا غداة إعلان متحدث باسم عنان بان الحكومة السورية وافقت على خطة المبعوث الأممي.
شركات تركية توقف أعمالها في سورية
اقتصاديا، ذكر رئيس غرفة التجارة والصناعة بولاية "كللس" الحدودية مع سورية أن الصادرات التركية تضررت بدرجة كبيرة، بالإضافة إلى تضرر الصادرات التركية إلى الدول العربية عن طريق سورية بسبب الأوضاع الأمنية هناك.
وأوضح المسؤول التركي لصحيفة "صباح" أن 823 شركة تركية تعمل في سورية، لكن الأحداث الجارية هناك اضطرت 350 شركة منها إلى وقف إنتاجها تماماً، وأن حوالي 200 رجل أعمال تركي عادوا إلى البلاد من هناك.
وأكد أنه لا يمكن استمرار التعاون التجاري مع سورية في ظل التطورات الجارية، لافتاً إلى أن أصحاب المحلات التجارية بولاية "كللس" هم الآخرون تضرروا من الآثار السلبية.
وأشارت صحيفة "صباح" إلى أن الأحداث التي تشهدها سورية أدت إلى تدمير التبادل التجاري مع تركيا التي تقدر قيمته بـ12 مليار دولار سنوياً، إلى جانب توقف أعمال السفارة التركية في دمشق ووقف شركة الخطوط الجوية التركية لجميع رحلاتها الجوية اليومية إلى دمشق وحلب اعتباراً من مطلع أبريل/نيسان المقبل.