شهد اختتام مؤتمر المعارضة السورية في مدينة اسطنبول التركية الثلاثاء، اتفاق معظم الأطياف السياسية على توحيد مواقفهم عبر إعلان ميثاق لسورية المستقبل وتقديم تصور بديل عن نظام بشار الأسد.
وقد جاء هذا الاتفاق بعد أن توحدت صفوف القوات المنشقة عن الجيش النظامي، تمهيدا للمشاركة في مؤتمر "أصدقاء سورية" الثاني الذي تستضيفه تركيا مطلع الشهر المقبل.
لكن خلافات بين المؤتمرين دفعت الوفد الكردي إلى مغادرة القاعة اثر الانتهاء من تلاوة البيان الختامي، بسبب رفض إدراج فقرات بشأنهم في الإعلان، بحسب ما ذكرت تقارير إعلامية.
وجاء الإعلان مؤيدا لمسودته على أن المسؤولية الوطنية الواقعة على كل القوى السياسية في الثورة السورية وجهود توحيد المعارضة ورؤيتها هي ما يحكم إعلان المبادئ الأساسية التي ستقوم عليها الدولة الجديدة.
ويقول الإعلان إن سورية الجديدة ستكون "مدنية وديموقراطية وحرة تماما"، على أن تعد الحكومة الانتقالية لإجراء انتخابات لاختيار جمعية تأسيسية تضع دستور سورية الجديد، مشددا على أن الشعب السوري فخور بتنوعه الثقافي والطائفي وأن الكل سيسهم في بناء المستقبل.
يشار إلى أن المجلس الوطني السوري كان قد حصل على اعتراف من الولايات المتحدة وفرنسا وعدة جهات أخرى بوصفه الجهة التي تمثل المعارضة السورية، غير أن وجود فصائل متعددة خارج إطاره دفعت المجتمع الدولي لتوجيه عدة دعوات لتوحيد المعارضة.
وقالت شخصيات في المعارضة السورية عقب الاجتماع إن القوات النظامية تلاحق وحدات الجيش السوري الحر والمنشقين الذين عبروا الحدود إلى لبنان.
اشتباك مع منشقين في البقاع
وقال سكان على الحدود اللبنانية إن القوات السورية اشتبكت مع منشقين سوريين متحصنين في البقاع ودمرت مبانٍ ومزارع.
واتّهم عضو المجلس الوطني السوري المعارض أديب الشيشكلي الجيش اللبناني بالتقاعس في الدفاع عن السوريين.
وأضاف خلال حديثه مع وكالة رويترز "نظام الأسد لا يحترم حدود الدول المجاورة، وهذا أمر متوقع، وهو يلاحق جميع المعارضين عبر الحدود مع تركيا ولبنان.
وحتى اليوم خرقوا الحدود اللبنانية وأنا آسف على سماح الجيش اللبناني لهم بالقيام بذلك".
دعوة المجتمع الدولي للتحرك
أما ممثل جماعة الإخوان المسلمين السورية ملهَم الدروبي، فدعا المجتمع الدولي إلى التحرك بسرعة لوقف النظام. "هذا النظام ليس نظاماً شرعياً، وفي الواقع يمكن أن يفعلوا أي شيء مع جيرانهم، لذا أطالب المجتمع الدولي بالتحرك بسرعة من أجل وقف هذا النظام ومساعدة السوريين".
وقال مصدر أمني في بيروت إن اشتباكات وقعت بالقرب من الحدود، لكنه نفى دخول القوات السورية إلى الأراضي اللبنانية.
موافقة سورية على خطة أنان
وعلى الصعيد الدولي، أعلن أحمد فوزي المتحدث باسم المبعوث العربي والدولي كوفي أنان الثلاثاء أن الحكومة السورية أبلغت أنان بموافقتها على خطته الرامية إلى حل الأزمة، مشيرا إلى أن الأمين العام السابق للأمم المتحدة قد كتب إلى الأسد يدعوه إلى تطبيق حكومته تعهداتها على الفور.
ووصفت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند موافقة السلطات السورية على خطة أنان بأنها خطوة مهمة، فيما أبدى أعضاء في مجلس الأمن الدولي حذرهم إزاء الإعلان السوري.
وقالت نولاند إن إعلان كوفي أنان عن تلقيه جوابا إيجابيا من دمشق يشكل خطوة مهمة، غير أنها شككت في النظام السوري قائلة إنه "مع نظام الأسد لن يأتي الدليل على تطبيقه الخطة إلا عبر الأفعال التي سيقوم بها".
وأعربت المتحدثة عن أمل بلادها في أن يتحرك النظام السوري على الفور لتطبيق اقتراحات أنان "ابتداء من إسكات المدافع والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية".
9 آلاف قتلى الاحتجاجات
وقدرت الأمم المتحدة عدد الذين قتلوا في سورية منذ بدء الاحتجاجات المعارضة للنظام بأكثر من تسعة آلاف شخص، سقطوا خلال عام دموي شهد عمليات قمع عسكرية للمحتجين وهجمات مسلحة استهدفت القوات النظامية نفذها منشقون عنه.
وأبلغ مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط روبرت سيري، مجلس الأمن الدولي بأن تقديرات تتمتع بالمصداقية تشير إلى أن عدد الذين قتلوا في سورية تجاوز التسعة آلاف شخص.
الوضع الميداني
ميدانيا، أحصت لجان التنسيق المحلية في سورية مقتل 80 شخصا برصاص قوات الأمن والجيش النظامي الثلاثاء، مشيرة إلى أن 48 من الضحايا سقطوا في إدلب معظمهم في بلدة سراقب، فضلا عن مقتل 15 في حمص، و10 في حماه، وخمسة في ريف دمشق وقتيل في درعا.
وعرض المتحدث باسم اللجان عماد الحصري أبرز الأحداث الأمنية لـ "راديو سوا" بقوله: "حماة كرناز، سقوط عدد من الجرحى اثر القصف العنيف الذي تتعرض له المدينة منذ البارحة وسط حملة دهم وإحراق منازل تشنها قوات الأمن. في إدلب جبل الزاوية، هناك أيضا الشبيحة يحرقون 52 منزلا في بلدة دير سنبل، إضافة إلى عدد من المحال التجارية بعد نهبها بالكامل. مدينة آزاب، إطلاق نار كثيف من قبل قوات النظام على منازل المدينة. وفي مدينة درعا جنوب سورية استشهاد مازح حسين علي الحريري متأثرا بجراحه".
تنديد اميركي بمهاجمة دور العبادة
وفي سياق الهجمات، نددت واشنطن بالاعتداءات التي ترتكبها قوات النظام السوري على دور العبادة. وأفاد مراسل "راديو سوا" سمير نادر في واشنطن بأن وزارة الخارجية الأميركية أعلنت أن الاعتداءات التي يرتكبها نظام الرئيس السورية بشار الأسد ضد مراكز للعبادة في سورية لم تميز بين مذاهب وطوائف.
ونقل عن المتحدثة باسم الوزارة فيكتوريا نولاند قولها "لقد كان النظام بالتأكيد عشوائيا في أعمال العنف التي يرتكبها ولاسيما فيما يتعلق بملاحقة المصلين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية.
وأشارت نولاند إلى أن امتلاك الحكومة أشرطة مصورة عن إرسال نظام الرئيس الأسد في العام الماضي دبابات لمحاصرة مسجد عثمان بن عفان في دير الزور، وكذلك تقارير عن تدمير قوات النظام لكنائس ومساجد في مدينة حمص خلال الأسابيع الماضية وقتل قناصة من الحكومة لكاهن أرثوذكسي، تؤكد هذه النظرة.
إيران تشيد بالحكومة السورية
في المقابل، قالت وسائل إعلام إيرانية أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أشاد بالطريقة التي اتبعتها القيادة السورية في التعامل مع الانتفاضة التي بدأت قبل عام وقتل فيها آلاف الأشخاص، قائلا إن بلاده ستبذل كل ما في وسعها لدعم أوثق حليف عربي لها.
وساندت إيران انتفاضات شعبية أطاحت بزعماء تونس ومصر وليبيا واليمن، لكنها حافظت بثبات على دعمها للرئيس السوري بشار الأسد الذي ينتمي للطائفة العلوية.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية سانا الثلاثاء عن أحمدي نجاد قوله أثناء محادثات مع فيصل المقداد مبعوث الأسد "أنا سعيد جدا أن المسؤولين السوريين يتعاملون مع الوضع بشكل جيد ...امل بأن يتحسن الوضع في سورية يوما بعد يوم".
كما ألقت السلطات السورية بالمسؤولية على "إرهابيين" يتلقون دعما من الخارج في العنف وتقول إن 3000 من أفراد الجيش وقوات الأمن قتلوا.
وقال أحمدي نجاد انه لا يوجد حدود لتوسيع الروابط مع سورية، وان إيران ستفعل "كل ما في طاقتها لمساندة هذا البلد."
نجاد يتهم الغرب بالتآمر
واتهم الرئيس الإيراني الغرب بالتآمر مع دول عربية للإطاحة بالقيادة السورية وتعزيز وضع إسرائيل في المنطقة.
وأثارت الحملة التي شنها الأسد على معارضيه غضب دول عربية من بينها قطر والسعودية اللتين دعتا إلي دعم المعارضة السورية.
وقال أحمدي نجاد "بترديد هتافات زائفة للدفاع عن حرية الشعب فان الأميركيين يريدون السيطرة على سورية ولبنان وإيران ودول أخرى، ويجب علينا أن نكون على وعي بمخططاتهم وان نتصدى لها بقوة."
ولم يشر الرئيس الإيراني إلي خطة السلام التي ترعاها الأمم المتحدة، الداعية إلي حوار وطني لكن دون تنحي الأسد.
وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا قد اتهمتا الأسبوع الماضي إيران بإرسال أسلحة إلي سوريا لدعم حملتها العسكرية لإخماد الانتفاضة، فيما نفت إيران وسورية تلك الاتهامات.