وفي سياق آخر، قال مسؤول أوروبي الثلاثاء إن الاتحاد الأوروبي يعد حزمة عقوبات جديدة محددة الهدف ضد سورية وإيران وبيلاروسيا لغياب حدوث تقدم في الأوضاع فيها، مرجحا المصادقة عليها خلال اجتماع وزراء الخارجية يومي الخميس والجمعة المقبلين.
ومن المتوقع أن يحضر هذا الاجتماع وزير الخارجية التركية أحمد داوود أوغلو. وتوقع المسؤول أن يضيف الأوروبيون 12 اسما إلى لائحة تضم نحو 150 شخصاً ومنظمة، بينها أبرز أركان النظام السوري، تخضع لحظر الحصول على تأشيرات لأوروبا وتجميد أرصدتهم في بنوكها.
روسيا تنتقد الأسد وتدعم عنان
بدورها، انتقدت روسيا الثلاثاء الرئيس السوري بشار الأسد، واعتبرت أن القيادة السورية ردّت بشكل غير صحيح على أولى مظاهر الاحتجاجات السلمية.
وقال وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف إنه رغم وعودها العديدة بالاستجابة لدعوات روسيا، فإن الحكومة السورية ترتكب الكثير من الأخطاء، وقال إن الأمور التي تسير فعلاً بالاتجاه الصحيح تأخرت كثيراً.
كما أبدت روسيا استعدادها للموافقة على إعلان في مجلس الأمن الدولي يدعم مهمة المبعوث الدولي والعربي المشترك إلى سورية كوفي عنان، شرط ألا يتضمن مهلة زمنية محددة، يأتي هذا بعد تقديم فرنسا مشروع إعلان رئاسي للمجلس لدعم مهمة عنان.
وأعلن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره اللبناني عدنان منصور الثلاثاء عقد في موسكو استعداد بلاده لدعم مهمة عنان: "نحن مستعدون لدعم مهمة كوفي عنان، وتلك الاقتراحات التي نقلها إلى الجانب السوري وإلى جماعات المعارضة المتعددة، وكذلك إلى مجلس الأمن الدولي، ودعم اقتراحاته في مجلس الأمن الدولي ليس فقط في إعلان بل في قرار".
التطورات الميدانية
وأعلنت الهيئة العامة للثورة السورية تجدد القصف العنيف الأربعاء على حماة مستهدفاً أحياء الأربعين وجنوب الملعب والحميدية والصابونية. كما أفاد عضو المجلس الوطني السوري ومجلس قيادة الثورة في حمص ملهم الجندي بتجدد القصف على عدد من أحياء المدينة مستهدفاً المدنيين فقط لعدم وجود عناصر من الجيش الحر للرد، بالإضافة لضعف إمكانياتهم العسكرية. من جهته، أعلن المركز الإعلامي السوري أن قوات موالية للرئيس بشار الأسد استهدفت اليوم الأربعاء لمدة ثلاث ساعات معظم أحياء مدينة الرستن الواقعة شمال حمص وسط سورية. فيما قال ناشطون إن تعزيزات عسكرية أرسلت إلى مدينة دير الزور القريبة من الحدود مع العراق بعد ساعات من انسحاب المنشقين منها. وأضافوا أنهم عثروا على نحو 40 جثة في حي الرفاعي في مدينة حمص.وفي سياق متصل، أفادت لجان التنسيق المحلية بأن مواجهات اندلعت الأربعاء بين الجيش النظامي ومنشقين ينتمون إلى الجيش السوري الحر في منطقة حرستا في ضواحي دمشق، في وقت عززت فيه سورية قواتها قرب المنطقة.
وكانت قوات الأمن قد قامت قبلها بحملة اعتقالات في الحي بعد يوم من اشتباكات واسعة شهدتها أحياء المزة، والقابون وبرزة القريبة.
وقالت المتحدثة باسم لجان التنسيق المحلية رفيف جويجاتي في لقاء مع "راديو سوا" إن العنف الذي تمارسه قوات الرئيس الأسد يقود إلى انتشار التذمر بين سكان العاصمة.
وأضافت قائلة "حرستا ضاحية سكنية تقع قرب دمشق وكانت من بين الأحياء الأولى في العاصمة السورية التي انضمت إلى الثورة. وقد شارك المدنيون هناك على نحو متواصل في التظاهرات منذ البداية، وأدى رد الحكومة العنيف إلى المزيد من المظاهرات. استطيع أن أقول إنه كلما زاد عنف الحكومة، كلما زاد انتشار الاحتجاجات في الأحياء المجاورة لحرستا".
قصف مدفعي قرب الزبداني
وقد سمعت أصوات قصف مدفعي خلال الساعات الأولى من الأربعاء قرب مدينة الزبداني على الحدود السورية - اللبنانية، بينما شنت قوات الأمن والجيش هجوماً على مناطق في حمص، كما انسحبت من محافظة دير الزور.
واتهمت جويجاتي القوات النظامية باستهداف المدنيين خلال قصف حمص، وقالت "شنت القوات التابعة للنظام هجوماً على جيوب معينة في المدينة يحتمي فيها اللاجئون من المدنيين. وكلنا يعرف أن أفراد الجيش الحر انسحبوا من حمص وهم فعلياً خارج المنطقة، كما قامت القوات الحكومية باعتقال الرجال من سكان المدينة وقتل بعضهم. فالهجوم استهدف بالدرجة الأولى النساء والأطفال".
وكانت لجان التنسيق المحلية قد أعلنت الثلاثاء مقتل 52 شخصا في سورية برصاص القوات الأمنية بينهم 24 في حمص و14 في ادلب وخمسة في حماة وثلاثة في ريف دمشق وقتيلان في كل من دير الزور ودمشق وقتيل في كل من اللاذقية وحلب.
في المقابل، قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا إن "إرهابيا انتحاريا" فجّر مساء الاثنين سيارة مفخخة بقوات حفظ النظام قرب مفرق الجيزة بريف درعا، ما أدى إلى مقتل عدد من قوات حفظ النظام والمدنيين وجرح آخرين، من دون إعطاء حصيلة محددة.
الحكومة تمنع قافلة مساعدات
على الصعيد الإنساني، قال شيار خليل الناطق الرسمي باسم حملة قافلة "حمص في قلوبنا" التي تهدف إلى تقديم مساعدات إنسانية لسكان حمص، إن الحكومة السورية منعت بشكل قاطع وصول الحملة إلى حمص، بعد يوم من انتظار قرار السلطات لتحرك القافلة من دمشق نحو حمص.
وأوضح خليل لـ "راديو سوا": "مُنعنا من الذهاب إلى حمص، ونعتبر أن هذه المعونات احتُجزت لدى الهلال الأحمر. المواد الغذائية والمعونات كلها موجودة في منظمة الهلال الأحمر، وهم يقترحون علينا أنهم هم الذين سيأخذون هذه المعونات وسيوزعونها عن طريقهم بوجود شخصين من منظمي الحملة. نحن نعتبر أنها إفشال للحركة المدنية التي كنا سنقدمها أو نقوم بها".
وقال خليل إن هذا المنع جاء مباشرة من رئاسة الوزراء السورية، مضيفا "هذا المنع أصدره قرار من رئاسة مجلس الوزراء بأنهم يطلبون من الهلال الأحمر أن يكونوا جهة مستلمة أو وسيطة تستلم هذه المعونات وتسلمها إلى محافظ حمص. وتم الاتفاق بيننا وبين الهلال الأحمر أن نكون على الأقل متواجدين، شخصين أو ثلاثة مع الحملة لنؤمّن بأن الهلال الأحمر سيسلم محافظ حمص المعونات الذي سيوزعها للأهالي بشكل متساوٍ أو عادل".
مؤتمر للمعارضة في دمشق
من جانب آخر، تعمل المعارضة السورية في الداخل على تنظيم عقد مؤتمر الوفاق الوطني في دمشق في الـ26 من الشهر الجاري، لبحث إمكانية التنسيق والتعاون مع مهمة المبعوث الدولي العربي المشترك إلى سورية كوفي عنان، بهدف إتاحة الفرصة لتوسيع المؤتمر ليضم معارضي الخارج ليتمكنوا من دخول البلاد بضمانة الأمم المتحدة.
لكن المعارض السوري فايز سارة شكك بإمكانية انعقاد المؤتمر في هذا التاريخ، وقال لـ "راديو سوا" : "هناك جهود تبذل من أجل جمع مختلف قوى المعارضة وأخذها لمؤتمر، لكن هناك كثير من العقبات، تبذل جهود من أجل تذليلها، لكن لا يستطيع أحد أن يجزم بأن هذه العقبات سوف تزول رغم كل الجهود، وبالتالي حتى الآن ليس من المؤكد أن المؤتمر سيعقد في هذا التاريخ، ربما أبعد من ذلك بقليل".
وتعليقا على ما تردد عن رعاية مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سورية كوفي عنان للمؤتمر، قال فايز سارة "من المبكر القول بأنه سيتم برعاية كوفي عنان، أكثر من ذلك أستطيع القول إنه لم تجر موافقات حول المضمون الدقيق لمحتويات هذا المؤتمر وما الذي سيطرحه. هناك نقاشات تجري بين أطراف متعددة داخل المعارضة السورية، ربما بعضها سيشارك والبعض الآخر لن يشارك في هذا المؤتمر".
وفي الشأن ذاته، قال عضو المجلس الوطني السوري المعارض عمر ادلبي في مقابلة مع "راديو سوا" : "أي مؤتمر للمعارضة السورية داخل سورية الآن لن يكون مختلفا عما عقد سابقا من مؤتمرات للمعارضة في الداخل، سيخرج بلا أي معنى وبلا أي لون أو طعم أو حتى قرارات تخدم القضية السورية."
وأضاف أدلبي "نحن نعرف سطوة النظام السوري على أي اجتماع يجري في الداخل، جربنا ذلك مرارا وتكرارا وسكتنا على الكثير من هذه المؤتمرات التي تنعقد في الداخل، حاولنا أن نكون دائما ايجابيين تجاه هذه المؤتمرات، ولكن أثبتت التجربة أن ست مؤتمرات عقدت حتى الآن في الداخل السوري لم تنتج شيئا".