السودان.. مخاوف من انزلاق الحركات المسلحة في الصراع ومتحدثون عنها يوضحون
في ظل الصراع الدائر منذ السبت الماضي، بين الجيش وقوات الدعم السريع، وهما أكبر قوتين عسكريتين في السودان، تتزايد المخاوف من دخول الفصائل والحركات المسلحة على خط الصراع، لدعم هذا الطرف أو ذاك، ما يهدد بانزلاق السودان إلى منعطفات خطيرة.
موقع الحرة تحدث مع ممثلين عن فصائل سودانية مسلحة لمعرفة مواقفهم حيال التطورات التي يشهدها السودان منذ أيام.
الناطق الرسمي باسم أصحاب المصلحة باتفاق جوبا للسلام، الصادق مختار أحمد، أعرب في حديث لموقع "الحرة" عن خشيته من انزلاق بعض الحركات المسلحة إلى أحد طرفي الصراع إذا طال أمده، "لذلك يجب علينا وقفه قبل أن يتطور"
وفي أكتوبر 2020، وقعت الحكومة الانتقالية السودانية في مدينة جوبا في جنوب السودان اتفاق سلام تاريخيا مع عدد من الحركات التي حملت السلاح في عهد الرئيس السابق عمر البشير احتجاجا على التهميش الاقتصادي والسياسي لهذه المناطق.
وعندما انقلب طرفا الصراع، قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي"، على الحكومة المدنية في أكتوبر 2021، انحازت بعض الحركات المسلحة إلى الانقلاب فيما أعلنت رفضه بعضها الآخر.
وفي يونيو الماضي، أعفى البرهان أعضاء مجلس السيادة المدنيين، ليصبح المجلس الحاكم مشكلا من العسكريين وعلى رأسهم البرهان ونائبه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو وأعضاء حركات التمرد المسلحة الذين وقعوا على اتفاق السلام مع الحكومة في جوبا.
وقال أحمد لموقع "الحرة": "كل طرف في هذا الصراع، له حلفاء في الحركات أو المجموعات المسلحة وبالتالي قد يطلب من أنصاره مساندته في هذه الحرب".
لكنة أشار إلى صعوبة تحديد الحركات المسلحة التي قد تنزلق إلى هذا الصراع بالانحياز لأحد الطرفين، "لكن سياسيا هناك حركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان، اللذان أيدا انقلاب أكتوبر 2021، وبالتالي هي المجموعات الأقرب التي يمكن أن تتحالف مع أي من الطرفين".
وحتى الآن، فإن كل الحركات المسلحة سواء الموقعة على اتفاق جوبا أو غير الموقعة، مع الدعوة لإيقاف هذا الصراع على السلطة والوصول إلى تفاهمات سياسية، بحسب أحمد.
وأكد محمد هارون، المتحدث باسم حركة جيش تحرير السودان- فصيل منّي أركو منّاوي، الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، في حديثه مع موقع "الحرة" أنهم لم ينحازوا إلى أي طرف في الصراع الدائر، "موقفنا واضح وثابت، وهو أن على الطرفين إيقاف النزاع اليوم قبل الغد".
وقال: "نحن استشعرنا منذ فترة أن البلد يتجه إلى حرب وحاولنا أن نكون وسطاء بين الطرفين لتقريب وجهات النظر في ما يخص العملية السياسية والاتفاق الإطاري حتى لا تكون الحرب هي ملجأهم لأننا نعلم أن هذا الطريق تكلفته مرتفعة للغاية خاصة أنها في المدن المكتظة بالسكان مثل الخرطوم والفاشر ونيالا".
وتشهد العاصمة الخرطوم، بشكل خاص حالة من الفوضى، رغم النداءات الدولية الملحّة لوقف المعارك التي أوقعت حتى الآن قرابة 200 قتيل.
وكان من المفترض أن يتم التوقيع على اتفاق ينص على تشكيل حكومة مدنية ويحظى بدعم قوي من المجتمع الدولي، بهدف إنهاء الفراغ السياسي الذي أعقب انقلاب أكتوبر 2021.
لكن التوقيع تأجل مطلع الشهر الجاري مرتين، بسبب خلافات بين الجيش وقوات الدعم السريع حول نقاط تتعلق بدمج الأخيرة في الجيش والقيادة والسيطرة.
وقال هارون: "بعد اندلاع الصراع المسلح بين الطرفين، بدأنا بالفعل في وساطة لإصلاح ما بين الطرفين والضغط عليهم من أجل الجلوس على مائدة المفاوضات".
وأوضح: "قمنا بتشكيل لجنة مختلطة من 5 من قيادات الحركات المسلحة مكونة من قائد الحركة، منّي أركو منّاوي وقائد حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم، وزير المالية، وعضو مجلس السيادة ورئيس الحركة الشعبية ــ شمال، مالك عقار، ونائب حاكم إقليم دارفور محمد عيسى عليو، ورئيس حزب الأمة الوطني، عبد الله مسار".
وأشار إلى أن "هذه اللجنة في تواصل بالفعل حاليا مع الجنرالين لحثهم على أن يستمعوا لصوت العقل وأن يوقفوا الحرب، لأن الخاسر هو المنتصر، وأنه لا يمكن حل القضايا الخلافية بالحرب".
واعتبر أن جهود هذه اللجنة بدأت تؤتي ثمارها من خلال الهدنة التي وافق عليها الطرفان لمدة 24 ساعة.
وأضاف أن "نفس اللجنة في تواصل مع المجتمع الدولي، وخاصة مع دول مصر وتشاد والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيجاد التي قررت إيفاد رؤساء كينيا وجنوب السودان وجيبوتي إلى السودان لإجراء مصالحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع".
واعتبر هارون أن "الخوف من إطالة أمد الحرب، ليس مرده بالأساس، هو انزلاق بعض الحركات المسلحة إلى أحد جانبي الصراع، ولكن العواقب ستكون أكبر من ذلك بكثير، حيث أن السودان محاط بسبع دول معظمها ليس في حال أفضل منا، على سبيل المثال ليبيا في الشمال غير مستقرة، وتشاد في فترة انتقالية، ودولتا أفريقيا الوسطى وجنوب السودان غير مستقرتين أيضا".
وأوضح أنه "في حالة إطالة أمد الصراع الحالي، قد يستعين كل طرف بدول جارة، وهذا يوسع دائرة الحرب ويشمل الإقليم وهذا قد يؤدي إلى خلق بؤرة صالحة لتنشيط جماعات إيديولوجية في المنطقة مثل بوكو حرام لأن يكون لها موطئ قدم، حيث تستغل الصراعات العسكرية للتوسع، مع وجود خلايا نائمة في السودان.
وأكد أنه "إذا لم يتدخل المجتمع الدولي والإقليمي والمحلي لوقف الصراع، فأنا أتوقع أن يتطور الأمر ويتوسع ويصل لمراحل أبعد مما هو متوقع".
من جانبه أعرب محمد عبد الرحمن الناير، الناطق الرسمي باسم حركة جيش تحرير السودان- جناح عبد الواحد نور، والتي أدانت انقلاب أكتوبر 2021، عن "انحياز الحركة للشعب السوداني وثورة ديسمبر التراكمية والتي تنادي بتغيير شامل لبنية الدولة والمجتمع يقود إلى دولة مواطنة".
وقال الناير في حديثه مع موقع "الحرة": "ما يحدث هو صراع على السلطة ويتأذى منه كل الشعب السوداني، ونحن لا نقف مع أي طرف".
وأضاف أن الحل يكمن في "إسقاط انقلاب 25 أكتوبر وتشكيل حكومة مدنية بالكامل من شخصيات مستقلة وإجراء حوار سوداني سوداني لمخاطبة جذور الأزمة السودانية حتى تكون مخرجاته برنامجا لمشروع للحكومة الانتقالية".